الخميس، 17 يناير 2013

لا ربيع عراقي في الافق و ليطمأن المالكي و ينام قرير العين



لا ربيع عراقي في الافق
و ليطمأن المالكي و ينام قرير العين
ليس المقصود من هذا المقال هو تثبيط العزائم و الهمم و رسم صورة سوداوية متشائمة للمظاهرات العراقية التي بدأت منذ اسابيع في ساحة العزة و الكرامة في مدينة الرمادي و امتدت بعدها الى مدن عراقية أُخرى بما في ذلك بغداد. انا في طبيعتي انسان متفائل و لكني و للاسف لا ارى شيٌ يدعو الى التفائل في هذه المرحلة الشديدة الحساسية.
بدأت هذه المظاهرات المباركة و التي جاءت كنتيجة حتمية لسياسات الظلم و التهميش و الاقصاء التي تمارسها حكومة المالكي الطائفية بامتياز. و رغم ان هذه المظاهرات جاءت متأخرة جداً ليس لان العراقيين رضوا بالظلم و استكانوا الى الراحة و لكن لان هناك ظروف سياسية معقدة جداً في عراق اليوم حالت دون القيام بمثل هذه المظاهرات و لا يتسع الوقت للولوج فيها..
منذ اللحظة الاولى تعامل المالكي بصلافة مع المظاهرات و كل تصريحاته تدل على انه رئيس عصابة و ليس رئيس وزراء, حيث بدأ يتوعد و يهدد و يصف المتظاهرين باقذع المواصفات..
اهل السنة لا ترعبهم تهديدات المالكي فهو اصغر بكثير من ان يُرعب هؤلاء الرجال الذين مرغوا في التراب انوف اسياده الامريكان من قبل و اذاقوهم شر هزيمة لولا تآمر السياسيين من ابناء جلدتهم و خلق طابورٍ خامس أُطلق عليه اسم الصحوات..
مع كل التآمر و الغدرالذي حيك ضد اهل السنة في العراق من الداخل و من دول اقليمية و دولية ايضا تبقى مصطلحات مثل الانبار و الفلوجة و المثلث السني و غيرها تبقى مصطلحات رعب في الذاكرة الاميريكية. هؤلاء الرجال سطروا ملاحم و بطولات لو كُتبت باحرفٍ من ذهب ما نالت الا جزء يسير من حقها..
هناك سيناريوهات عديدة في الافق يمكن ان تشكل عقبات كثيرة امام المظاهرات و ذلك لسبب بسيط جداً الا و هو:
المتظاهرين اختاروا الوقت الخطأ!! لماذا؟
العرب السنة يسبحون عكس التيار و المعادلة الدولية ليست في صالحهم للاسباب التالية:
-اولاً: اذا ثار اهل السنة و تصادمت ميليشيات المالكي(المسماة زوراً بالجيش العراقي) مع الثوار  فذلك سيعني بالضرورة قطع التواصل بين ايران و سوريا و لبنان و تقليص كبير للامدادات الايرانية الهائلة الى عصابات بشار عن طريق العراق الذي تحول الى قاعدة دعم لوجستي لنظام بشار. و هذا ما لا يريده الغرب و لا روسيا. بمعنى آخر تحقيق كابوس سقوط بشار و عصابته الذي يقض مضاجع الغرب من اوله الى آخره..
-ثانياً: بعد ان أُنهكت ايران اقتصادياً و لم يعد بامكانها دعم جزار سوريا بنفس القوة تكفّل عميلهم المالكي بضخ المليارات لعصابات بشار لادامته. اما اذا ثار اهل السنة فهذه المليارات سوف يستخدمها المالكي لحماية نفسه و عصاباته بدلاً من ارسالها الى شبيحة بشار مما سيؤدي الى التعجيل من سقوط بشار و عصابته و هذا ما جعل الغرب و روسيا معاً و منذ عامين و لحد الان و هم يرسلون برسائل التطمين لجزار سوريا اسبوعيا بعدم التدخل العسكري. لذلك فان الغرب و روسيا و ايران سوف يسخروا كل طاقاتهم من اجل اجهاض المظاهرات العراقية بشتى الطرق..
-ثالثاً: المالكي و ايران و الغرب على دراية تامة بان ثورة اهل السنة في العراق اذا خرجت عن مستواها التقليدي (المظاهرات و الاعتصامات) فانها سرعان ما تتمدد و تستعمل العمق الجغرافي السوري كعمق ستراتيجي و كذلك الحال بالنسبة للثوار السوريين فان استعمالهم للعمق الجغرافي العراقي يصبح تحصيل حاصل مما سيؤدي في المحصلة النهائية الى نشوء نواة للوحدة العربية التي سرعان ما ينضم اليها لبنان و كذلك الاردن في مرحلة تالية بعد الاطاحة بعميل الغرب في الاردن.
 الغرب و روسيا يعرفون حق المعرفة كل هذا و لذلك هم يستقتلون في حماية بشار و عصاباته و الثورة العراقية هي احد الاسباب للتعجيل في سقوط طاغية دمشق و لذلك سوف يبذلوا كل ما في وسعهم من اجل الحيلولة دون اقامة اي نوع من العلاقة المباشرة بين ثوار سوريا و ثوار العراق و سوف يتم احتوائها بكل الطرق..
لهذه الاسباب آنفة الذكر و غيرها فانني يصعب عليّ التفائل في هذه المرحلة. هناك اسباب اخرى بدون ادنى شك لا تقل اهمية عن تلك التي ذكرتها و سوف اذكرها على عجالة لكي لا أُطيل على الاخ القارئ.
يُخطئُ كل من يعتقد ان المجتمع العراقي هو مجتمع واحد كبقية المجتمعات الاخرى. فالصحيح هو تسميته بالمجتمعات العراقية لاننا امام 3 مكونات رئيسية في هذا البلد منقسمة على نفسها و لكلٍ منها خصوصيتها و ولائها و عقيدتها و ارتباطاتها و التي لا تمت باي صلة مع بعضها البعض.
لهذا فانه من السهولة ضرب هذه المكونات بعضها ببعض و الخروج من الازمة منتصرا و هذا ما بدأ يفعله المالكي الذي بدأ بتحريك مظاهرات مضادة في بعض مدن الجنوب رغم كل الويلات و الدمار و الفساد و الفقر و التخلف الذي ذاقته تلك المدن ببركات المالكي. مع كل ذلك خرجت تلك الجموع في مظاهرات مضادة لا لشئ الا لانهم ينتمون الى نفس طائفة المالكي.
 اعتقد انه آن الاوان ان نسمي الاشياء بمسمياتها و كفانا مجاملة فان هذه المجاملات كلفتنا نحن اهل السنة الكثير الكثير جداً. لقد كلفتنا عشرات الالاف من الشهداء بل اكثر من ذلك و اكثر من مئة الف معتقل جريمتهم الوحيدة انهم من ابناء السنة. و الاف المعتقلات اللواتي أُغتصبن في سجون و زنزانات المالكي من مختلف القطعان السائبة المسماة ميليشيات و بمباركة رئيس العصابة المالكي. كلفتنا مجاملاتنا اهدار كرامتنا و اصبحنا مواطنين من الدرجة العاشرة. كفانا مجاملات فقد بلغ السيل الزبى و سحقا لاولائك السياسيين من ابناء جلدتنا الذين ادعوا تمثيلنا و لكن في حقيقة الامر هم تاجروا بدمائنا و بنوا صروحهم على جماجمنا و مثلونا شر تمثيل و ساهموا بكل قوة الى تمزيقنا و تقزيمنا و حولونا الى اقلية حقيرة ليس لها اي وزن. .
و للحديث بقية
اشرف المعاضيدي
13-01-2013
.