الجمعة، 29 يناير 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة 


الحلقة السابعة

القضية الأفغانية تأخذ بعدا عالميا

مع وصول رونالد ريغن الى البيت الأبيض تغيرت ملامح السياسة الخارجية الأمريكية تغيرا جذريا فصارت لغة التحدي والموجهة هي السائدة بعد أن اتسمت بالتردد والإحجام في عهد جيمي كارتر كما أسلفنا، فكان على الإدارة الجديدة مواجهة الغزو الروسي لأفغانستان حيث أصبحت القوات الروسية على بعد ٥٠٠ كم من مضيق هرمز وهذا يعني تهديدا حقيقيا "للأمن القومي الأمريكي" حيث أن فقدان أمريكا لتحكمها بنفط الخليج يعني انهيار الدولار الأمريكي لأن أسعار النفط يتم تحديدها بالدولار الأمريكي وبما أن منطقة الخليج تمتلك أكثر من نصف الإحتياط العالمي للنفط فإن فقدان أمريكا للسيطرة على نفط الخليج يعني انهيار الدولار الأمريكي وهذا الأمر لن يفرط به الأمريكيون لأنه يعتبر مسألة مصيرية بالنسبة لهم هذا من جهة ومن ناحية أخرى وجد الأمريكيون  في الجهاد الأفغاني فرصتهم التاريخية  لهزيمة الاتحاد السوفييتي وترقيع هيبتهم بعد هزيمتهم المذلة في فيتنام وهذا ماحصل بالفعل

ثمة قضية أخرى كانت ومازالت تؤرق أمريكا والعالم الغربي وهي نمو ماسموه(الأصولية ) الإسلامية

إذ وجدوا في الجهاد الأفغاني فرصتهم الذهبية لهزيمة الأتحاد السوفيتي والتخلص بنفس الوقت من الأصولية الإسلامية وذلك بجعل المجاهدين الأفغان ومعهم شباب الصحوة الإسلامية وقودا لحربهم ضد الروس ظنا منهم أن الصحوة الإسلامية سيتم اجهاضها بقتل بضع ألاف من شباب المسلمين وهذا مالم يتحقق بل إن السحر قد انقلب على الساحر وكان من نتائج الجهاد الأفغاني بروز من سماهم الكاتب الأنكليزي باتريك  "باللاعبين الجدد" أوبتعبير آخر بروز تيار الجهاد العالمي أو مايسمي بتيار السلفية الجهادية كأخطر ظاهرة تهدد النظام العالمي القائم كما يصفها الدكتور أكرم حجازي وهذا ماسنتحدث عنه باختصار لاحقا إن شاء الله

ومهما يكن من أمر فقد اوعزت الإدارة الأمريكية الحديدة لوكلائها في المنطقة بدعم الجهاد الأفغاني ماديا ومعنويا

فصدرت الفتاوى بفرضية الجهاد ضد "الملاحدة الشيوعيين"وهكذا تفاعل المسلمون في جميع أنحاء العالم مع القضية الافغانية فصارت بلدان الجزيرة العربية مصدرا للدعم المادي والمعنوي كما تحولت باكستان إلى قاعدة خلفية للفصائل الافغانية حيث يتواجد عدد كبير من اللاجئين الأفغان مع وجود تداخل اجتماعي على جانبي الحدود كما تفاعل المسلمون في بقية البلدان مع الجهاد الأفغاني حسب ظروفهم المحلية

وهكذا دخل الروس في مأزق لم يكن في حسبانهم وهذا ماسنتطرق له لاحقا إن شاء الله

أما لماذا  وكيف تفاعل المسلمون مع القضية الافغانية فهذا ماسنتحدث عنه بشيء من التفصيل في الفصول القادمة إن شاء الله وحتى نلم بهذا الموضوع فلابد لنا من وقفة قصيرة نتحدث فيها عن الأوضاع السياسية في البلدان  الإسلامية وبشكل أدق في البلدان العربية



2021-01-29

كاتب من بيت المقدس

الأربعاء، 27 يناير 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة 


الحلقة السادسة

ردود الأفعال على غزو افغانستان

كما ذكرنا سابقا فإن الشيوعيين الروس كانوا يشعرون بالنشوة والغرور نهاية عقد السبعينيات من القرن الماضي مما دفعهم لغزو أفغانستان ظنا منهم أنهم يستطيعون ابتلاعها كبقية بلدان المسلمين في وسط آسيا حيث قاوم المسلمون هناك لسنوات طويلة لكن الروس تمكنوا من السيطرة على تلك البلدان حتى انهيار الاتحاد السوفييتي نهاية عام ١٩٩١

لم يواجه الروس أية صعوبات بداية الغزو حيث تمكنوا من السيطرة على كابل وبقية المدن الكبرى وقتلوا عميلهم حفيظ الله أمين وجاءوا بعميل آخر هو بابرك كارمل وظنوا أن باستطاعتهم اخماد الجهاد الذي بدأ منذ حكم محمد داوود كما أسلفنا ومن رحمة الله أن الظروف العالمية لم تكن مواتية لهم هذه المرة

ففي الشرق وعلى حدود أفغانستان كانت الصين الشيوعية قد تحولت لعدو لدود للروس كما أسلفنا وللصين علاقات جيدة بباكستان منذ زمن بعيد بل إن الصين تعتبر باكستان حليفا استراتيجيا لها حتى يومنا هذا وقد زار وزير خارجية الصين باكستان بعد الغزو الروسي مباشرة وذهب إلى مخيمات اللاجئين الأفغان في بيشاور وقال لهم إن العالم كله يقف معكم في نضالكم ضد الاحتلال الروسي كما قال إن الروس سيعضون أصابع الندم وهذا ماحصل فيما بعد

أما في العالم الغربي الذي تتزعمه أمريكا فقد كانت ردود الأفعال باهته في البداية حيث لم يكترث العالم الغربي بجرائم الشيوعيين قبل الغزو الروسي وكانت ردود الأفعال في البداية سياسية فلم تعرض القضية الأفغانية على مجلس الأمن حيث يتمتع الروس بحق الفيتو إنما عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا طارئا ادانت فيه بغالبية الأصوات بالغزو الروسي لأفغانستان وطالبت بالانسحاب الفوري لقوات الاحتلال وبالطبع لم يكترث الروس بذلك القرار وواصلوا جرائمهم حيث قتلوا عددا كبيرا من المعتقلين في السجون ودخلوا بمواجهات مع فصائل الجهاد في ذلك الوقت وصرنا نلاحظ تغطية أكبر لعمليات المجاهدين في وسائل الإعلام العربية التي تدور أنظمتها في فلك السياسة الأمريكية وربما أوعزت الإدارة الأمريكية سرا لتلك الأنظمة بتأييد الجهاد الأفغاني وبقي الأمر على تلك الحالة حتى نهاية عام ١٩٨٠ حيث وصل إلى البيت الأبيض رونالد ريغن وهو من"صقور" الحزب الجمهوري فكان على النقيض من سلفه جيمي كارتر فوضع في سلم أولوياته إعادة هيبة أمريكا في العالم وأعلن عما سمي في تلك الأثناء بحرب النجوم وكان الهدف منها ادخال الروس بسباق للتسلح بغية انهاك الاقتصاد الروسي المتهالك كما أعلن عن دعم الولايات المتحدة " للمقاومة الأفغانية"

وهكذا تلقى وكلاء أمريكا في العالم الإسلامي الأوامر من سيدهم في البيت الأبيض بدعم الجهاد الأفغاني ضد الغزو الروسي وبذلك أخذت القضية بعدا عالميا وهذا ماسنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله



2021-01-27

كاتب من بيت المقدس

الثلاثاء، 26 يناير 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة 


الحلقة الخامسة

حالة الأمة الإسلامية نهاية عقد السبعينيات

لقد كان لهزيمة حزيران عام ٦٧  وقعها المؤلم على الأمة ومن نتائجها الإيجابية انكشاف العلمانية وسقوطها المعنوي وخاصة في البلدان العربية التي شهدت عودة قطاع لابأس به من أبناء الأمة الى دينهم فصارت المساجد تكتظ بروادها من جيل الشباب بعد أن كانت في العقد السابق مقتصرة على المسنين كما أصبح الكتاب الإسلامي يتصدر قائمة المبيعات من الكتب كما انتشرت مظاهر الإسلام الأخرى كإطلاق اللحية والحجاب وازداد عدد المساجد وانتشرت أشرطة الكاسيت للدعاة المعروفين وكما ذكرنا سابقا فإن للجماعات الحركية دورا بارزا في التصدي للعلمانية حيث قدمت تصورا شاملا للإسلام اجتذب قطاع الشباب والمتعلمين في المجتمع وهنا لابد أن نذكر الدور البارز لبعض الدعاة كسيد قطب وشقيقه محمد وكذلك الشيخ الندوي والمودودي( رحمهم الله )بما قدموه للمكتبة الإسلامية من كتب تجعل المسلم معتزا بإسلامه محتقرا للجاهلية بشتى صورها وأشكالها.وقد انتشرت مظاهر الصحوة الإسلامية في شتى بقاع العالم الإسلامي بدرجات متفاوته ولكنها كانت صحوة عفوية أي لم يكن خلفها عمل منظم ومخططات مدروسة بمعنى أن الأمة بدأت تعود إلى دينها نتيجة افلاس انظمة الحكم القائمة فاستجابت للدعاة بصورة غير مسبوقة حيث وجدت الأمة أن طريق النجاة لا يكون ألا بالعودة إلى دينها وربها وهكذا نستطيع أن نقول أن الجماعات الحركية قد نجحت في هذا الجانب وتوقفت عند هذا الحد بمعنى أنها لم تستطع توظيف تلك النقلة النوعية التي حدثت في الأمة بعمل ملموس يؤدي لعودة الحكم بما أنزل الله إلى الواقع مما أوجد حالة من الفصام بين ما يؤمن به المسلم وبين الواقع الذي يعيشه  مما جعل قطاعا كبيرا من شباب الامة يعاني من أزمة شديدة في المفاهيم إذ بات الجميع يتساءل وماذا بعد ؟؟؟؟ كيف ومتى نصل إلى هدفنا المنشود وهو إقامة حكم الله في الأرض وسنرى لاحقا تأثير ذلك على الجهاد ضد الروس

كل ذلك كان يتم رصده من قبل أعداء الأمة الذين باتوا يدرسون تلك الظاهرة ويتحدثون عما يسمونه بعودة الأصولية الإسلامية ويضعون الخطط لمواجهتها

في هذه الأثناء حدثت الثورة الإيرانية بعد أن رأى الغرب ضرورة مواجهة المرحلة القادمة بتعبير آخر مواجهة زحف الشيوعية من الشرق ومواجهة الأصولية الإسلامية التي ستعيد لأمة الإسلام مكانتها الأولى تحت الشمس فكان لابد إذا من تجريب سلاح جديد ذو بعد عقائدي بعد أن استنفذت العلمانية دورها وباتت عاجزة عن مواجهة تحديات تلك المرحلة

 لقد انخدع معظم المسلمين  باديء الأمر في تلك الثورة ظنا منهم أن دولة الإسلام قد قامت فارتفعت المعنويات في بداية الأمر مما أدى لحدوث المواجهة مع بعض الأنظمة وخاصة النظام النصيري في الشام كما ازدادت حدة المواجهات مع النظام الشيوعي في كابل كما أسلفنا

وقد تنبه لحقيقة الثورة الإيرانية عدد قليل من الإسلاميين وعلى رأسهم الشيخ محمد سرور (رحمه الله )والذي حذرالأمة في وقت مبكر من خطر تلك الثورة في كتابه الشهير (وجاء دور المجوس)وقد أثبتت الوقائع صحة ماذهب إليه من أن الغاية من تلك الثورة هي إعادة تأهيل الرافضة ليكونوا رأس الحربة للصليبيين في مواجهة الأمة الإسلامية وهذا ما بدا واضحا بصورة جلية لا لبس فيها في السنوات القليلة الماضية

وأما بالنسبة لأنظمة الحكم في العالم الإسلامي فقد انقسمت(ظاهريا) إلى أنظمة تدور في فلك السياسة الأمريكية بشكل واضح وأخرى تدور ظاهريا في فلك السياسة السوفييتة وتدور في فلك السياسة الأمريكية(من خلف الستار) كالنظام النصيري في الشام وهذه الأنظمة تميزت بعدائها السافر لدين الله

إما النوع الأول من الأنظمة وهي الممالك الوراثية فقد سعت لأخذ شرعية دينية فتظاهرت بتطببق بعض أحكام الشريعة كما تظاهرت باحترام دين الأمة وبذلك خدعت قطاعا واسعا من أبناء الأمة وبذلك تجنبت الصدام المباشر مع الإسلاميين وكان لهذا الأمر تأثيره على الجهاد الأفغاني ضد الروس في ثمانينيات القرن الماضي وهذا ماسنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله



2021-01-26

كاتب من بيت المقدس

الاثنين، 25 يناير 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة 


الحلقة الرابعة

الأوضاع العالمية عشية غزو الروس لأفغانستان

دخل الروس أفغانستان نهاية عام ٧٩ ومنذ ذلك الحين أخذت القضية الأفغانية بعدا عالميا وقبل أن نمضي بعيدا في هذا الموضوع لابد لنا من وقفة صغيرة نتعرف من خلالها على أوضاع العالم في تلك الفترة ذلك إن جميع القضايا العالمية مترابطة ولا يمكننا فصل أي منها عما سواها من القضايا. وسنكتفي هنا بتقديم لمحة مختصرة حول هذا الموضوع ولن نتوسع في التفاصيل الجزئية لكل حدث إنما سنكتفى بالإشارة للمواضيع التي تهمنا

وسنبدأ بالحديث عن أمريكا والتي خرجت منتصف سبعينات القرن الماضي من الهند الصينية(فيتنام كمبوديا ولاوس) بعدما تعرضت لهزيمة مذلة في فيتنام بعد عقد كامل من الحرب الدامية حيث سقطت سايغون عاصمة فيتنام الجنوبية في ربيع عام ١٩٧٥ وشاهد العالم كيف هرب الأمريكيون بطائرات الهليكوبتر عندما دخل الشيوعيون الموالون للروس سايغون وبعد أيام قليلة سقطت بنوم بنه عاصمة كمبوديا بيد الشيوعيين الموالين للصين  وكان لهذه الهزيمة أثرها على سياسة أمريكا في النصف الثاني من عقد السبعينات حيث صار الأمريكيون شديدو الحذر من الدخول في أية حروب كما وصل إلى البيت الأبيض في تلك الفترة جيمي كارتر وهو من الديموقراطيين وينتمي الى تيار(الحمائم) لذا كانت السياسة الأمريكية في عهده تتسم بعدم المواجهة

وقد يعترض البعض قائلا إن السياسة الأمريكية يتم صياغتها من خلال المؤسسات المختلفة وهذاالأمر صحيح إلا أن للرئيس دورا مهما في صياغة وتنفيذ الكثير من القرارات

وعلى الطرف الآخر شعر الشيوعيون وخاصة الروس بالنشوة بعد هزيمة الأمريكيين في جنوب شرق آسيا فتدخلوا في افريقيا حيث دعموا نظام الحكم الشيوعي في الحبشة وكذلك دعموا عملاءهم في أنغولا حيث حارب الكوبيون نيابة عن الروس في شرق وجنوب إفريقيا فصار للروس موطيء قدم في تلك البلاد يضاف إلى ذلك سيطرة فيتنام الموالية للروس على كمبوديا والتي كان نظام الحكم فيها يتبع للصين وبذلك احتدم الخلاف العقائدي بين شيوعيي الكرملن وشيوعيي بكين وتحول إلى عداء كاد أن يؤدي إلى حرب بين عملاقي العالم الشيوعي ربيع عام ١٩٧٩ عندما هاجمت الصين فيتنام في تلك الأثناء وهذا كان من الأسباب التي دعت الصين لتحسين علاقاتها مع أمريكا منذ ذلك الوقت ولهذا الأمر تأثير كبير على القضية الأفغانية وهذا ماسنتطرق إليه في الفصول القادمة إن شاء الله

وقبل ذلك لابد من لمحة مختصرة عن حالة الأمة الإسلامية في تلك الأثناء



2020-12-28

كاتب من بيت المقدس

الأحد، 24 يناير 2021

 الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة 


الحلقة الثالثة

غزو الروس لأفغانستان

وصل الشيوعيون الى الحكم يوم ٢٧ نيسان عام ٧٨م بعد إنقلاب دموي

وفي المقابل كانت الجماعات الإسلامية الحركية قد رسخت أقدامها هناك واستقطبت قطاعا لابأس به من الشعب كما أنها دخلت في صراع مع السلطات منذ أيام محمد داوود كما أسلفنا وجاء وصول الشيوعيين إلى الحكم ليصب الزيت على النار حيث استفز الشيوعيون عامة الشعب الأفغاني باجراءاتهم التعسفية فأفتى العديد من العلماء بكفرهم  وبوجوب الجهاد ضدهم وهكذا أعلنت الجماعات الإسلامية الجهاد

وبرز في الساحة الجهادية جماعتان كبيرتان هما الحزب الإسلامي الذي يتزعمه غلب الدين حكمتيار وكان له حضور قوي في مناطق البشتون

والجماعة الثانية هي الجمعية الإسلامية الأفغانية والتي تزعمها برهان الدين رباني وكان لها حضور قوي وسط الطاجيك وكانت الجماعتان متحدتان قبل ذلك وقد انفصلتا عن بعضهما منذ منتصف السبعينات ولم تنجح جميع محاولات المصالحة حيث ترسخت الخلافات وتحولت إلى اقتتال بينهما وهذا ماسنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله

إضافة إلى الجماعتين السابقتين فقد ظهرت جماعات أخرى تنتمي إلى التيار التقليدي والجماعات الصوفية لكنها لم تكن بحجم الجماعتين السابقتين

ويذكر الشيخ عبد الله عزام(رحمه الله) أن الجهاد ضد الشيوعيين قد انطلق بعد أربعين يوما من وصولهم إلى الحكم وتصاعد بمرور الوقت ومع ذلك كان التعتيم الإعلامي سيد الموقف إما لحدوث معظم العمليات العسكرية في المناطق النائية أو بسبب التعتيم المتعمد كبقية قضايا المسلمين أو بسبب العاملين معا

وأول مرة سمعت بالعمليات العسكرية ضد الحكومة الشيوعية في نهاية عام ١٩٧٨ في أحدى نشرات الأخبار في إذاعة لندن

وبعد ذلك توالت الأخبار تترى

وفي بداية العام التالي وقعت الثورة الإيرانية والتي انخدع بها معظم المسلمين في بدايتها(وصل الخميني ألى الحكم ١١ شباط عام ٧٩)عند ذلك انفجرت الثورة في جميع أنحاء البلاد وفي هذه الأثناء ارتكب الشيوعيون مجزرة مروعة في مدينة هيرات المحاذية للحدود مع أيران واتهموا نظام الملالي بدعم الانتفاضة ضدهم وذلك للتغطية على فشلهم فكان من نتيجة ذلك قيام رئيس الوزراء حفيظ الله أمين  بالانقلاب على رئيسه نور محمد تراقي وقتله وذلك يوم ١٦ تموز من عام ٧٩ نتيجة فشله في قمع الانتفاضة والتي كانت تتوسع وتشتد بمرور الوقت ورغم استخدام حفيظ الله أمين  طرقا أكثر وحشية حيث استعمل كل ما يملك من اسلحة ثقيلة وطائرات بقصف المناطق المنتفضة كما قام بقتل جميع السجناء السياسيين لكنه هو الآخر كان مصيره الفشل الذريع فما كان من الروس ألا التدخل المباشر بعد أن فشل وعملاؤهم عن أداء الدور المناط بهم وهكذا وقع الغزو الروسي لأفغانستان يوم ٢٥ كانون الأول من عام ١٩٧٩ وهكذا دخلت أفعانستان في مرحلة جديدة حيث أخذت بعدا عالميا وهذا ماسنتعرف عليه في الفصول القادمة إن شاء الله



2020-12-28

كاتب من بيت المقدس

الأربعاء، 20 يناير 2021

 

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة 

الحلقة الثانية

أطماع الروس في أفغانستان

ذكرنا أن أفغانستان تقع في وسط آسيا ويحدها من الشمال ثلاث من جمهوريات الإتحاد السوفييتي السابق وبحدود يبلغ طولها حوالي ١٢٠٠ كم مع وجود تداخل اجتماعي على جانبي الحدود حيث يتركز وجود الطاجيك والأوزبك شمال أفغانستان محاذين لبني جلدتهم في الاتحاد السوفييتي السابق، وكما يقال فإن للجغرافيا استحقاقاتها.

لذلك اعتبر الروس أفغانستان حديقتهم الخلفية أي أنها تدخل ضمن منطقة نفوذهم بل إنهم كانوا يخططون لابتلاعها  بعد أن سيطروا على بقية بلدان المسلمين في وسط آسيا ،من أجل ذلك بدؤوا بالتمهيد لغزو تلك البلاد منذ زمن بعيد حيث أقاموا علاقات عسكرية وذلك بتوريد السلاح لافغانستان ومايتبع ذلك من إرسال الخبراء العسكريين والفنيين لتدربب الأفغان على تلك الأسلحة كما تم ارسال بعض الضباط الأفغان للدراسة في المعاهد العسكرية الروسية وهكذا شيئا فشيئا تسللت الشيوعية إلى تلك البلاد منذ زمن الملك محمد ظاهر شاه والذي كان شديد الحرص على تغريب المجتمع كما أن محمد داوود عمل رئيسا لوزرائه لسنوات طويله وكان ميالا للشيوعيين فسلمهم العديد من المناصب الحساسة في البلاد وزاد نفوذهم بعد وصوله إلى سدة الحكم عام ١٩٧٣، ساعدهم على ذلك تفشي الجهل والأمية بين الأفغان رغم انتشار مظاهر الإسلام عند غالبية الأفغان(كالحجاب واللحية)ذلك أن التدين التقليدي القائم على الجهل ومايتبع ذلك من تفشي البدع والخرافات وبعض العادات الإجتماعية التي تنسب للإسلام كل ذلك يجعل هذا النمط من التدين عاجزا عن مواجهة العلمانية بكل أشكالها

وهذا ما ساعد على انتشار الشيوعية بين النخب المتعلمة في أفغانستان وقد عرفت ذلك بنفسي في أوروبا حيث تعرفت على عدد لابأس به من الأفغان الذين انتسبوا للأحزاب الشيوعية في تلك البلاد وقد من الله عليهم بالهداية فندموا على انتسابهم للأحزاب بل إن أحدهم اعتبر ذلك اكثر التصرفات حماقة في حياته

وفي الجهة المعاكسة نشأت حركات إسلامية في أفغانستان نتيجة لمحاذاتها لباكستان حيث التداخل الإجتماعي على جانبي الحدود حيث نشأت جماعات حركية ترتبط بالجماعة الإسلامية في باكستان كما نشأت تيارات أخرى ترتبط بالجماعات التقليدية، لذلك بدأ الصراع بين الجماعات الإسلامية والتيار العلماني منذ زمن محمد داوود خان لكنها لم تكن ذات بال فلم تتحدث عنها وسائل الإعلام في حينها نتيجة للتعتيم المتعمد الذي تمارسه مؤسسات الكفرالعالمية في كل أمر يخص المسلمين وقد تحدث الشيخ عبد الله عزام رحمه الله في كتاباته عن هذا الموضوع لما سمعه ممن شاركوا في تلك الأحداث

وأراد محمد داوود في السنة الأخيرة من حكمه أن يتوجه غربا فأعتقل قيادات الحزب الشيوعي ولكن بعد فوات الأوان حيث قام الشيوعيون بانقلاب دموي أدى لمقتله مع أفراد عائلته وسيطرة الشيوعيين على الحكم وذلك يوم ٢٧ نيسان عام  ١٩٧٨  كما قاموا بقتل العديد من العلماء والوجهاء مما استفز مشاعر عامة الشعب الأفغاني فاحتدمت المواجهات بين المسلمين من جهه وبين الحكومة الشيوعية ومما ساعد على ذلك الطبيعة الجغرافية وتوفر السلاح عند عامة الناس إضافة لطبيعة الشعب الأفغاني الذي يتمتع بالصلابة والشجاعة آضافة للتمسك بالعادات والتقاليد مع الإحترام الشديد للدين وللعلماء



2020-12-28

كاتب من بيت المقدس