الثلاثاء، 30 مارس 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين
حقائق غائبة 

الفصل العشرون
المجاهدون العرب في أفغانستان
كما ذكرنا سابقا فقد شارك عدد كبير من الشباب العربي في الجهاد الأفغاني وقد ذكرنا أن الذين شاركوا جاءوا من بلدان الجزيرة العربية والعراق والشام إضافة لبلدان شمال أفريقيا وكذلك من الجاليات العربية في أوروبا وأمريكا
وكان أكثرهم لايعانون أية مشاكل في البلدان التي أتوا منها كالذين أتوا من بلدان الجزيرة العربية وكذلك القادمون من أوروبا وأمريكا وهؤلاء كان باستطاعتهم العودة من حيث أتوا بل إن بعضهم كان يحضر إلى أفغانستان لفترة محدودة ثم يرجع ألى بلده ويعود ثانية وبالطبع لم يكن الجميع مشاركا في الأعمال العسكرية إنما وجد عدد لابأس به ممن انخرطوا باعمال الإغاثة في المناطق الحدويه وخاصة مدينة بيشاور التي ضمت عددا من المشافي كمشفى الهلال الأحمر الكويتي وكذلك مشفى لجنة الدعوة الكويتية إضافة للهلال الأحمر السعودي وغيرها من مراكز الإغاثة الأخرى
وفي مدينة بيشاور وفي ساحات الجهاد داخل أفغانستان تجمع عدد كبير من الشباب العربي من مختلف التوجهات الحركية والذين فروا من بطش الحكومات في بلدانهم وهنا ذابت التوجهات القطرية الضيقة عند الكثيرين خاصة أن هؤلاء كانو ناقمين على الأوضاع القائمة في العالم لأنهم ضحايا ذلك الواقع المؤلم وهنا نمت البذرة الأولى لظاهرة الجهاد العالمي والتي فرضت نفسها فيما بعد كأخطر ظاهرة تهدد النظام العالمي القائم كما تحدث عن ذلك العديد من المحللين الاستراتيجيين بل إن تصرف أركان النظام العالمي مع تلك الظاهرة خير دليل على جديتها ومدى خطورتها وعلى أية حال فهذا موضوع شائك ولايمكننا الإلمام به في هذه العجالة
وبخصوص الشباب الذين فروا من بلدانهم فإن معظمهم كان مسجلا لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والتي ساعدت بعضهم باللجوء إلى أوروبا وأمريكا واستراليا وأعرف بعض الأخوة الذين جاءوا إلى دول شمال أوروبا
ومع انتهاء الجهاد الأفغاني اشتدت المضايقات على الفارين من بلدانهم حيث اندلعت في هذه الأثناء المواجهات بين نظام الحكم في الجزائر والإسلاميين هناك بعد الانقلاب على نتائج الانتخابات وكذلك حصلت بعض المواجهات مع النظام المصري كما اندلعت الحرب في الشيشان والبلقان ضد المسلمين هناك وكذلك الحرب بين أذربيجان والأرمن الذين احتلوا إقليم ناغورنو كاراباخ فانتقل بعض المجاهدين العرب إلى ساحات المعارك في تلك البلدان نصرة لإخوانهم المسلمين في تلك البلدان وهذا الأمر لم يكن ليرضي أهل الكفر والنفاق على اختلاف نحلهم فظهر في هذه الفترة (بداية تسعينات القرن الماضي)مصطلح العرب الأفغان والتي باتت المادة الرئيسية في وسائل الإعلام والتي يتحكم بها أعداء الأمة فصار المجاهدون العرب الذين تقطعت بهم السبل مطاردين من قبل جميع أجهزة المخابرات العالمية وحتى من قبل بعض الأفغان الذين تأثروا بما يتلقونه من وسائل الإعلام التي تصف المجاهدين العرب بالوهابيين وهذه كلمة لا أصل لها إنما اخترعها الرافضة فتلقاها بعض المسلمين بعد أن تم تشويهها كثيرا في أذهانهم وخاصه غير الناطقين بالعربية وهذا الموضوع فيه كلام كثير إنما يكفي أن نقول أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم تكن سوى دعوة إصلاحية تهدف لاعادة المسلمين إلى التمسك بالكتاب والسنة وظهرت في وقت عم فيه الجهل وانتشرت فيه البدع والخرافات مع التقليد الأعمى بين المسلمين فكان من الطبيعي أن تواجه تلك الدعوة ردود فعل عنيفة من قبل قطاع لا بأس به من أبناء الأمة الذين يصعب عليهم الخروج على ما ألفوه والذي زاد الطين بلة هو بعض التصرفات(التي تفتقد الحكمة)  من قبل بعض أتباع الدعوة يضاف إلى ذلك تسييس الدعوة بعد تفريغها من محتواها وتحويلها لأداة لتطويع الأمة للساسة الذين يدورون في فلك الأعداء مما سهل على الأعداء تشويه الدعوة واستعمال كلمة الوهابية لمحاربة كل مخلص لدينه وأمته وبالتالي ينساق أبناء الأمة في مخططات الأعداء وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
وعلى أية حال فقد التجأ من تبقى من المجاهدين العرب إلى الإمارة الإسلامية في أفغانستان وهنا لابد من الاشارة للمواقف المشرفة لبعض قادة الجهاد الأفغاني الذين آووا إخوانهم العرب قبل تأسيس الإمارة الإسلامية في أفغانستان ويأتي في مقدمتهم الملا جلال الدين حقاني رحمه الله وجعل ذلك العمل في ميزان حسناته
كما ينبغي أن نشير إلى أن بعض المجاهدين العرب قد رفضوا العروض المقدمة إليهم بالهجرة إلى أوروبا وأمريكا وآثروا البقاء في ساحة الجهاد
بعد تأسيس الإمارة الإسلامية في أفغانستان أعلن قادة المجاهدين العرب مبايعتهم للملا عمر محمد رحمه الله والذي بدوره أحسن استقبالهم وقد أشرنا سابقا إلى نجاح ثلة قليلة من المجاهدين العرب بحماية مدينة كابل من تحالف الشمال مما رفع من أسهمهم عند قادة طالبان كل ذلك أدى لأن يشعر المجاهدون العرب بالحرية التامة في أفغانستان فكان من نتيجة ذلك تأسيس ما أطلق عليه الجبهة الإسلامية العالمية لمحاربة اليهود والنصارى وباشرت عملها ضد المصالح الأمريكية حيث نفذت عدة عمليات في الجزيرة العربية وشرق أفريقيا  قام بعدها الأمريكيون بقصف أفغانستان ب ٧٥ صاروخا من طراز كروز في صيف ١٩٩٨ كما اشتد الحصار على الإمارة الإسلامية ومع ذلك لم يغير ذلك من موقف الإمارة الإسلامية من ضيوفهم العرب واستمرت الأمور على هذه الحالة حتى وقعت أحداث ١١ أيلول عام ٢٠٠١ لتدخل الإمارة الإسلامية في أفغانستان بامتحان أشد مما تعرضت له فيما مصى
وهذا ماسنتحدث عنه في الفصل القادم إن شاء الله




20201-03-30
كاتب من بيت المقدس

الجمعة، 26 مارس 2021


الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين
حقائق غائبة

الحلقة التاسعة عشر
الابتلاءات التي تعرضت لها الامارة الإسلامية
لقد اشتد البلاء على الامارة الإسلامية الوليدة بعد دخول كابل ثم مزار شريف بعد ذلك ففي هذه الفترة أي بين عامي ٩٦ وحتى عام ٢٠٠١ لم تتوقف المناوشات مع تحالف الشمال الذين  هاجموا في احدى المرات مدينة كابل عندما كان مجاهدوا الحركة منشغلين في الشمال فتصدى لهم مجموعة صغيرة من المجاهدين العرب لم يتجاوز عددهم الخمسين وتمكنوا من دحر ذلك الهجوم وهنا ارتفعت أسهم المجاهدين العرب عند حركة طالبان وأنصارها على عكس جماعة تحالف الشمال الذين صاروا يحقدون على جميع العرب وهذا ماسنتطرق له لاحقا إن شاء الله
وفي هذه الأثناء إلتجأ إلى أفغانستان مجموعة من مجاهدي تركستان الشرقية والذين كانوا يقاتلون ملاحدة الصين الذين يحتلون بلادهم منذ عقود وهنا طالب ملاحدة الصين الإمارة الإسلامية تسليمها أولئك المجاهدين فرفض الملا عمر ذلك الطلب
في هذه الفترة أمر الملا عمر (رحمه الله) بازالة أصنام بوذا الموجودة في منطقة باميان وقد صدرت فتوى من علماء أفغانستان بذلك كما أن حركة طالبان كانت تستفتي الشيخ حمود عقلا  الشعيبي(رحمه الله)في الكثير من القضايا لأنه(رحمه الله) موضع ثقة عند علماء الحركة وقد عرضت في حينها اليابان وغيرها من الدول  على الإمارة الإسلامية مبالغ طائلة من المال مقابل نقل تلك الأصنام إلى اليابان أوإلى أماكن أخرى في وقت  اشتد فيه البلاء على الأفغان بسبب الجفاف الذي أصاب البلاد إضافة للحصار الجائر الذي فرضته دول الكفر على الأفغان ومع ذلك فقد رفض الملا عمر(رحمه الله) ذلك العرض وقال كلمته المشهورة أريد أن يحشرني الله مع هادمي الأصنام لا مع بائعي الأصنام وقد بدا النفاق العالمي جليا حيث لم يكترث العالم لأطفال أفغانستان الذين كانوا يموتون نتيجة الجوع والمرض بسبب القحط والحصار الجائر ولم يقدموا تلك الأموال لانقاذ أولئك المساكين وكانت حجتهم أن الأموال مخصصة لأصنام بوذا التي يعتبرونها "تراثا حضاريا"يجب المحافظة عليه
وهنا لابد أن نذكر مواقف بعض الإسلاميين المقاصديين او المصالحيين أومن يحلو لهم التسمي بالوسطيين او المعتدلين والذين يبالغون بالحديث عن مقاصد الشريعة والمصالح ودرء المفاسد وعن "الوسطية والاعتدال"  حيث سافر وفد من هؤلاء إلى أفغانستان والتقوا الملا عمر محمد (رحمه الله)  لثنيه عن تدمير تلك الأصنام وكان على  رأسهم الشيخ يوسف القرضاوي ومفتي مصر في تلك الأثناء نصر فريد واصل إضافة لمحمد سليم العوا وفهمي هويدي وعلي قره داغي مع آخرين كما رافقهم بعض الشخصيات الرسمية من حكومة قطر
حيث ظهر جليا أن ظاهرة الغثائية في أمتنا لاتقتصر على عامة الناس بل تمتد إلى النخب ممن يتصدرون المشهد عندنا والذين يتحركون وفق مصالح ورغبات أعداء الأمة وفي أحسن الأحوال يتأثرون بالتهويش الإعلامي الذي يمارسه الأعداء فيبنون قناعاتهم ومواقفهم بناء على المعلومات المأخوذة من الأعداء وهكذا
يتحركون ضد مصالح الأمة وبما يخدم مصالح الأعداء سواء أعلموا ذلك أو لم يعلموا
على أية حال فقد نجح قادة طالبان بإحراج ذلك الوفد عندما قالوا لهم لقد تأخرتم كثيرا بمجيئكم لقد مضى سنوات عديدة على هدم المسجد البابري (الذي هدمه مجوس الهند عام ١٩٩١) أي أنهم لم يتحركوا انتصارا لمسلمي الهند وإنما تحركوا انتصارا لأصنام بوذا.
وعلى أية حال لم يستطع الوفد تقديم أي دليل شرعي يبين خطأ هدم الأصنام ورجع أعضاؤه إلى بلدانهم بعد أن ناقشوا قضايا أخرى مع قادة طالبان مثل تعليم البنات حيث شرح قادة الحركة لأعضاء الوفد صعوبة ايجاد مدارس كافية للبنين لذا كان عليهم أولا تدريس الأبناء وبعد ذلك يمكن تدريس البنات وعلى أية حال فقد اقتنع بعض أعضاء الوفد بما سمعه من قادة طالبان فتوقفوا عن مهاجمتهم بعد عودتهم كالشيخ يوسف القرضاوي بل أنصفهم في بعض الأحيان. وبعض أعضاء الوفد واصل انتقاد حركة طالبان كسليم العوا
وهكذا كانت تعاني الإمارة الإسلامية من الإبتلاءات والتي كان أشدها إيلاما ظلم المسلمين لها الذين كانوا يستعملون نفس المصطلحات التي يستعملها الأعداء وهذا هو شأن كل من يتبنى مشروعا جادا يمثل هموم أمتنا فإنه سيجد الصدود والتسفيه بل العداء والمحاربة لمشروعه من أبناء أمتنا والذين سيقفون في صف الأعداء في محاربته وهكذا ندور في حلقة مفرغة من التآكل الذاتي لنوفر على الأعداء تكاليف الدخول بمواجهات مكشوفة مع أمتنا
ومن المصاعب التي واجهت الامارة الإسلامية الخراب الكبير الذي أصاب البلاد نتيجة الحرب حيث دمرت البني التحتية وقنوات الري والطرقات والمصانع ومع ذلك فقد تمكنت الإمارة الإسلامية بامكاناتها الذاتية وبمساعدة الباكستانيين من إعادة تشغيل ٦٠ مصنعا من أصل ٢٥٠ مصنعا مدمرا
كما أن حقول الألغام كانت تتسبب بقتل الكثير من الناس حيث زرع الروس عشرات الملايين منها في افغانستان قبل انسحابهم وقد ذكرت سابقا أن الروس سلموا مسؤولي الأمم المتحدة خرائط بألفي حقل ألغام وقد تمكنت الإمارة الإسلامية من تنظيف العديد من المناطق لكن ماتزال الكثير من تلك الألغام موجودة حتى يومنا هذا
وهكذا عانت الإمارة الإسلامية من العديد من الابتلاءات خلال السنوات الخمسة التي تلت دخول مدينة كابل حتى إذا وقعت أحداث ١١ أيلول من عام ٢٠٠١ دخلت الإمارة الإسلامية بامتحان جديد هو الأصعب والذي سنتحدث عنه في الفصل القادم إن شاء الله
وقبل أن نتحدث عن هذا الموضوع سنتوقف عند موضوع المجاهدين العرب في أفغانستان




20201-03-19
كاتب من بيت المقدس

الجمعة، 19 مارس 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين
حقائق غائبة 


الحلقة الثامنة عشر
دخول حركة طالبان إلى كابل

كما ذكرنا سابقا فقد تمكنت طالبان من إحكام سيطرتها على مدينة كابل في ٢٧ أيلول من عام ١٩٩٦ بعد مواجهات عنيفة مع الفصائل التي كانت تسيطر على المدينة وفي مقدمتها الجمعية الإسلامية التي يتزعمها برهان الدين رباني واتحاد المجاهدين الذي يتزعمه عبد رب الرسول سياف وأول عمل قام به مجاهدوا الحركة قتل نجيب الله آخر حكام أفغانستان من الشيوعيين مع شقيقه واللذان كانا مختبئين في مبنى "الأمم المتحدة "منذ ربيع عام ١٩٩٢ وعندها أثبتت الحركة أنها ليست أداة بيد الحكومة الباكستانية كما كان يتهمها الكثيرون بمن فيهم بعض الطيبين من الإسلاميين وعندها دخلت الحركة في مواجهة مع النظام العالمي الذي تهيمن عليه قوى الكفر التي راحت تدعم أعداء الحركة الذين تجمعوا بجبهة واحدة أطلقوا عليها اسم "الجبهة الإسلامية المتحدة" والتي كانت تضم اضافة لجماعة رباني وسياف فلول الشيوعيين الذين انشقوا عن نظام كابل قبيل سقوطه وعلى رأسهم عبد الرشيد دوستم اضافة لأحزاب الرافضة والجماعات والفصائل الصوفية والقومية أما غلب الدين حكمتيار فقد خرج إلى أيران بعد أن انضم معظم أعضاء جماعته لحركة طالبان والذين لم ينضموا للحركة فقد توقفوا عن القتال
أما الذين تسموا" بالجبهة الإسلامية المتحدة أو ماعرف فيما بعد ذلك باسم تحالف الشمال فقد أصروا على مقاتلة حركة طالبان وراحوا يتلقون الدعم المادي والمعنوي من قوى الكفر العالمي في الشرق والغرب وعلى رأسهم إيران النفاق ومجوس الهند بل إن القائد أحمد مسعود شاه والذي كان يتسلم منصب وزير الدفاع في حكومة "المجاهدين" قام بزيارة للدول الأوروبية وهذا ماشاهدته على شاشات التلفزة وكان يرتدي الملابس الأوروبية
وهنا سقط أولئك الذين تسموا بالمجاهدين حيث قبلوا لأنفسهم التحالف مع المشركين (الرافضة)والمرتدين (فلول الشيوعيين) داخل أفغانستان كما تحالفوا مع قوى الكفر العالمي خارج أفغانستان أما حركة طالبان فقد أعلنت عن تأسيس الإمارة الإسلامية في أفغانستان فكان عليها مواصلة الحرب بعد أن اكتسبت الشرعية بما حققته من انجازات خاصة على الصعيد الأمني حيث شعر الأفغان لأول مرة بالأمن الذي فقدوه في السنوات الماضية نتيجة لاقتتال الفصائل الذي تحدثنا عنه سابقا
وبالطبع لم يكن هذا ليرضي قوى الكفر العالمي ومن يدور في فلكها من حكومات في العالم الإسلامي وهنا بدأت الإمارة الإسلامية تواجه الابتلاءات ففي الداخل كان عليها مواجهة تحالف الشمال لانتزاع ماتبقى من البلاد وقد تمكنت الامارة الاسلامية بعد عامين من احكام سيطرتها على ٩٠ بالمئة من أفغانستان بعد أن قدمت تضحيات كبيرة حيث تم تحرير مدينة مزار شريف في أقصى شمال أفغانستان عام ٩٨ وفي هذه الأثناء قتل ١١ شخصا في القنصلية الإيرانية في مزار شريف يحملون صفة دبلوماسيين وهم رجال مخابرات كانوا يساعدون حلفاءهم من الرافضة وعندها شاهدنا كيف توحد الرافضة على اختلاف توجهاتهم وراحوا يهاجمون حركة طالبان ويصفونهم بعملاء أمريكا وغيرها من الترهات التي يرمون بها خصومهم وهددت إيران الامارة الإسلامية التي لم تكترث بتلك التهديدات بل أعلنت استعدادها للمواجهة فالتزم الرافضة الصمت وراحوا يكيدون في الخفاء كعادتهم
وعلى أية حال فقد تحصن جماعة تحالف الشمال في المناطق الجبلية حتى نهاية عام ٢٠٠١ عندما دخلوا كابل مع الغزو الصليبي لأفغانستان وهذا ماسنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله
على الصعيد الخارجي لم تعترف بالامارة الإسلامية سوى ثلاث دول هي باكستان وكذلك الإمارات العربية والسعودية واللتان سحبتا اعترافهما بعد أحداث أيلول ٢٠٠١ أما عن الصعوبات والابتلاءات التي واجهت تلك الدولة الوليدة فسنتحدث عنها في الفصل القادم إن شاء الله




20201-03-19
كاتب من بيت المقدس

الأحد، 14 مارس 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين
حقائق غائبة


الحلقة السابعة عشر
نشوء حركة طالبان

كما ذكرنا سابقا فقد أدى اقتتال المجاهدين بعد دخولهم كابل إلى تداعيات خطيرة جعلت الحياة جحيما لا يطاق في معظم المناطق داخل أفغانستان وقبل أن نتحدث عن نشوء حركة طالبان لابد من التذكير ببعض الحقائق التي ذكرنا بعضها فيما سبق

وأول تلك الحقائق أن غياب الرئيس الباكستاني الأسبق ضياء الحق وكذلك الشيخ عبد الله عزام قد أثر سلبا على الجهاد الأفغاني حيث لعب الرجلان دورا لا يمكن انكاره بتخفيف حدة الخلافات بين فصائل المجاهدين ومع ذلك لم يدخر الدعاة من خارج أفغانستان جهدا لوقف الاقتتال بين فصائل المجاهدين لكن تأثيرهم لم يكن كتأثير الشيخ عبد الله عزام(رحمه الله) الذي كان يحظى باحترام كبير عند زعماء المجاهدين لأنه أمضى سنوات من عمره معهم فتعرف عليهم وشاركهم الجهاد في الخطوط الأولى للجبهات لذلك كانوا يعتبرونه واحدا منهم بعكس الآخرين الذين يأتون من البلدان الأخرى ويقضون بعض الوقت في فنادق مدينة بيشاور يلتقون خلالها ببعض الزعامات ليعودوا بعد ذلك إلى بلدانهم وشتان بين رجال الخنادق ونزلاء الفنادق

كذلك سعى بعض القادة الأفغان كالقائد جلال الدين حقاني(رحمه الله) وهو من الذين لم يتورطوا في الاقتتال وكان دائما يسعى للتوفيق بين الفصائل المتناحرة ولكن دون جدوى إذ كانت المشكلة في غاية التعقيد مما جعلها عصية على الحل لتداخل الكثير من العوامل الذاتية وكذلك المؤامرات الخارجية والتي تحدث عنها اللواء حميد جول رئيس الاستخبارات العسكرية الباكستانية السابق(رحمه الله) في مقابلة له مع مجلة المجتمع الكويتية وأكد على أن لديه أدلة على تورط بعض الدول بإذكاء الفتنة بين فصائل المجاهدين لكنه لم يسم دولة بعينها والمتابعون للشأن الأفغاني يعرفون تلك الدول

وكما ذكرنا سابقا فإن أفغانستان تعتبر العمق الاستراتيجي لباكستان والتي من مصلحتها استقرار أفغانستان مع وجود حكومة أفغانية قويه ولا تضمر العداء لإسلام أباد لذا كان الإسلاميون الأفغان الخيار الأفضل لباكستان لبعدهم عن النزعة القومية من جهة ولوجود الترابط الفكري وحتى العضوي بين الإسلاميين في كلا البلدين من جهة أخرى  وهذا الموضوع من الأمور الثابتة في السياسة الباكستانية والتي تدعمها بقوة المؤسسة العسكرية(ذات التأثير في سياسة الحكومة الباكستانية) ويشكل البشتون العمود الفقري للجيش الباكستاني(حيث يشكلون ٤٠ بالمئة من الجيش الباكستاني رغم أنهم لا يشكلون سوى ١٨ بالمئة من مجموع السكان)

وهنا نعود للحديث عن نشأة حركة طالبان

لقد أدت الأوضاع المأساوية التي تحدثنا عنها داخل أفغانستان إلى تذمر شديد عند الغالبية العظمى من الأفغان فصار الجميع متلهفا لكل من يسعى لانتشالهم مما هم فيه

وبذلك صارت الظروف مهيئة لظهور طالبان أما كيف تشكلت الحركة فهناك من يقول أن المخابرات الباكستانية بادرت إلى تأسيسها وهذا ما يتبناه المناوئون للحركة من الأفغان وهناك من يتحدث عن اجتماع عدد من قادة الجهاد السابقين من بينهم الملا جلال الدين حقاني(رحمه الله)ومعهم عدد من طلبة العلوم الشرعية و الذين اتخذوا قرارهم بتأسيس الحركة وانطلقوا من مدينة قندهار حيث كانت معظم مناطق أفغانستان تعاني فراغا أمنيا ولا سيطرة لحكومة كابل عليها إنما تخضع لسيطرة القادة المحليين وبذلك تمكنت الحركة من السيطرة بسرعة فائقة على مناطق شاسعة في جنوب وشرق أفغانستان حيث يتركز البشتون وخاصة أنصار الحزب الإسلامي الذي يتزعمه غلب الدين حكمتيار والحزب الإسلامي الذي يتزعمه الملا يونس خالص(رحمه الله) حيث انضم قسم كبير من عناصر الحزبين  للحركة دون مواجهات تذكر خاصة جماعة يونس خالص حيث أن الملا حقاني كان أكبر القادة الميدانيين في هذه الجماعة وعندها بادرت الحكومة الباكستانية لاحتضان الحركة ظنا منهم أن بإمكانهم التحكم بحركة طالبان مستقبلا وهذا ما أثبتت الأحداث فيما بعد عدم صحته

لقد نجحت الحركة بتحقيق الأمن في المناطق التي سيطرت عليها فقامت بمكافحة كل أشكال الجريمة بكل حزم وبذلك شعر الناس بالأمان وبذلك اكتسبت طالبان الشرعية وباشرت بتوسيع مناطق نفوذها حيث بدأ الكثير من المخلصين بالانضمام للحركة

طواعية ومن أبى ذلك كان لابد من مقاتلته إذ أن القيادات السابقة قد أثبتت فشلها وأذاقت المسلمين الويلات وبذلك فقدت شرعيتها فكان عليها أن تتنحى ومن أبى التنحي كان لابد من مقاتلته لأن مصلحة الأمة مقدمة على كل المصالح الضيقة

وبعد عامين من تأسيس الحركة دخل مجاهدوها مدينة كابل

لتدخل بعد ذلك حركة طالبان ومعها أفغانستان في مرحلة جديدة سنتحدث عنها في الفصل القادم إن شاء الله




20201-03-15
كاتب من بيت المقدس


الأربعاء، 10 مارس 2021

 الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين
حقائق غائبة

الحلقة السادسة عشر
الاقتتال بين فصائل المجاهدين

دخل المجاهدون مدينة كابل نهاية شهر نيسان عام ١٩٩٢ بعد أن اقتتلوا على مداخلها كما ذكرنا سابقا والاقتتال بين المسلمين من الامور الموجعة لكل مسلم وهي من الصفحات السوداء في تاريخنا السياسي وهذا الأمر قد حصل عندما كانت أمتنا في حالة القوة والتمكين كما حصل أيضا عندما كنا في مراحل الضعف بل عندما كنا مهددين بالغزو الخارجي وهذا موضوع فيه تفصيل كثير وسنكتفي هنا بالحديث عن أفغانستان حيث تطرقنا سابقا للحديث عن أسباب التشرذم في ساحة الجهاد ولا حاجة لتكرار كل ما ذكرناه سابقا

لقد دخلت الجماعات الإسلامية ساحة الجهاد بصورة متفرقة فكان لكل جماعة زعامتها ورايتها الخاصة بها ولم يعد بالإمكان توحيد تلك الجماعات بعد أن صارت ذات شوكة وقد ذكر الشيخ عبد الله عزام رحمه الله أن فصائل المجاهدين قد اقتتلت فيما بينها عام ٨١ وقد وفق الله الداعية كمال السنانيري(كما ذكرنا سابقا) لوقف ذلك الاقتتال وبمرور الوقت ترسخت الولاءات الحزبية وغيرها من الولاءات الضيقة لدى فصائل الجهاد التي تحولت إلى جماعات مقاتلة تحمل أسماء إسلامية مثل الحزب الإسلامي والجمعية الاسلامية وعلى رأسها زعامات(لا قيادات) ذات طابع قبلي أو عرقي أو غيره أما القواعد فتضم كل من  هب ودب ويذكر الأخ محمود سعيد عزام في كتابه شيخي الذي عرفت أن الشيخ عبد الله عزام سأل حكمتيار عن اغتيال أحد قادته الميدانيين لمجموعة من قادة الجمعية الإسلامية هل له علم بذلك فأجابه بالنفي فقال له الشيخ كيف يحصل ذلك دون علمك فأجابه حكمتيار بأن بعض القبائل عندما تنضم لحزب معين تضع شرطا أن يؤمر عليهم شخصا هم يحددونه وقد يكون هذا الشخص أميا فيضطر الحزب للقبول بهذا الشرط وإلا ستنضم القبيلة لحزب آخر

وهذه الرواية تبين أن فصائل الجهاد كانت تضم في صفوفها بل ويصل إلى سلم القيادة فيها كل من هب ودب وهكذا تصبح الولاءات الضيقة سيدة الموقف

فلا مكان لإخوة العقيدة عند الكثيرين بل إن العقل قد يغيب تماما في كثير من الأحيان فتندلع الخلافات لأتفه الأسباب ويكون الاحتكام إلى السلاح سيد الموقف

لقد سعى الكثير من الدعاة وعلى رأسهم الشيخ عبد الله عزام لجمع فصائل المجاهدين تحت راية واحدة ولكن دون جدوى وكذلك فعل الرئيس الباكستاني ضياء الحق رحمه الله وبمرور الوقت اضطر الجميع للتسليم بالواقع القائم بعد أن يئسوا من توحيد الراية فصاروا يركزون على الهدف الرئيسي وهو محاربة الروس وعملائهم دون الالتفات إلى السلبيات الموجودة في صفوف المجاهدين والتي كان أخطرها تعدد الرايات

وبغياب ضياء الحق والشيخ عبد الله عزام رحمهما الله بات وقوع الفتنة بين فصائل المجاهدين أمرا مؤكدا وهذا ما حذر منه الكثيرون منذ وقت مبكر وهنا لابد لي أن أشير لدراسة كتبها محمد مزمل زمان  وهو أحد الدعاة الأفغان وينتمي لجماعة عبد رب الرسول سياف بعد انسحاب الروس حيث نشر في مجلة الجهاد دراستين الأولى بعنوان كابل تبحث عن الفاتحين خلص فيها إلى حتمية سقوط نظام كابل وفي دراسته الثانية والتي كان عنوانها كابل أدركوها قبل الفتح والتي بين فيها إلى حتمية اقتتال فصائل المجاهدين بعد دخول كابل مبينا جميع الأسباب المؤدية لذلك ومع ذلك لم يستطع أحد تدارك الفتنة لفوات الأوان

وكما ذكرنا سابقا فإن الاقتتال كان بشكل رئيسي بين أكبر فصيلين وهما الجمعية الإسلامية والحزب الإسلامي حيث دخل مقاتلو الجمعية مدينة كابل بقيادة أحمد شاه مسعود والذي اصبح وزيرا للدفاع في الحكومة الجديدة كما صار برهان الدين رباني زعيم الجمعية رئيسا للحكومة الجديدة مما أدى لشعور غلب الدين حكمتيار بالغبن فبادر لقصف مدينة كابل من الجبال المحيطة بها كما حصل اقتتال داخل مدينة كابل بين جماعة سياف(الاتحاد الإسلامي)والرافضة " حزب الوحدة  الإسلامية" وكان هذا الاقتتال مادة للتندر في القنوات الفضائية

لقد أدى هذا الاقتتال لالحاق دمار كبير في المدينة وقتل الآلاف من سكانها كما دمر العديد من المساجد الأثرية أيضا

لقد ظلت كابل آمنة طوال الفترة الماضية لأنها كانت تحت سيطرة الروس وعملائهم فلم تكن ساحة حرب كما كانت الأرياف والمناطق النائية

لقد استغلت إيران النفاق ذلك الاقتتال فقامت بسرقة الكثير من المعدات العسكرية بما فيها الطائرات من منطقة هيرات. كما تفشت زراعة المخدرات وانتشرت عصابات الاجرام وقطاع الطرق فلم يعد أحد من الأفغان يأمن على نفسه وعرضه وماله وهكذا شهدت البلاد موجة جديدة من النزوح الى البلدان المجاورة بدل عودتهم إلى أفغانستان

و هكذا تحول قادة الجهاد إلى امراء حرب فسقطوا معنويا وفقدوا احترامهم لدى مسلمي أفغانستان مما مهد الطريق لظهور حركة طالبان بعد عامين من دخول المجاهدين إلى كابل

وهذا ما سنتحدث عنه في الفصل القادم إن شاء الله.



20201-03-10
كاتب من بيت المقدس


السبت، 6 مارس 2021

 الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين
حقائق غائبة

الحلقة الخامسة عشر
الطريق إلى كابل

كما ذكرنا سابقا فقد أتم الروس انسحابهم من أفغانستان ربيع عام ٨٩ بعد أن تركوا خلفهم ترسانة كبيرة من السلاح مع جيش عرمرم من القوات النظامية والأجهزة الأمنية والميليشيات الموالية للنظام

ظن كثيرون أن نظام كابل سيسقط بمجرد انسحاب الروس لكن الواقع أثبت عكس ذلك إذ استطاع نظام كابل الصمود ثلاث سنوات بعد انسحاب الروس وهذا الأمر له أسباب عدة

أولها كما ذكرنا تفوق الجيش الأفغاني من ناحية العدد والعدة وحتى من ناحية تكتيكات المعارك حيث كان الروس وعملاؤهم يقاتلون بطريقة مدروسة بعكس فصائل المجاهدين التي كانت تقاتل بصورة غير مدروسة وأحيانا بصورة عبثية وقد شاهدت بأم عيني أثناء زيارتي لأحد جبهات القتال كيفية تموضع المجاهدين بطريقة عشوائية تشبه معسكرات الكشافة أو معسكرات الجيوش في حالات السلم أي أن الإنسان لا يشعر أنه في جبهة قتال يمكن أن يتعرض للقصف في أية لحظة

كما سألني الاخوة عما إذا كنت أرغب بإطلاق الصواريخ باتجاه الأعداء وقد وقفت أمام راجمة الصواريخ ومع ذلك فقد رفضت الضغط على الزر المخصص لذلك طالبا منهم ألا يضيعوا الذخيرة عبثا بلا هدف محدد ومدروس كمهاجمة أحد المواقع مثلا وقد قرأت في أحد دوريات المجاهدين في حينها عن عمليات إضاعة الذخيرة عبثا فعلمت أن ما رأيته لم يكن حالة استثنائية

٢- تورط جميع رموز نظام كابل بمن فيهم ضباط الجيش وقادة الميليشيات بالجرائم التي وقعت أثناء الاحتلال الروسي فكان عليهم القتال حتى النهاية لأنهم سيتعرضون للقتل إذا وقعوا بأيدي المجاهدين رغم اعلان المجاهدين العفو عن كل من يتخلى عن نظام كابل ومع ذلك فقد تمسك الكثيرون بمواقعهم وظلوا يقاتلون طوال هذه السنوات

٣- ومن الأسباب أيضا تفرق صف المجاهدين وعدم وجود التنسيق فيما بينهم وهذا ما سنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله

٤- انتقال المجاهدين من مرحلة حرب الاستنزاف إلى مرحلة تحرير المدن التي تختلف تماما عما سبقها إضافة لما يتطلبه تحرير المدن من أسلحة ثقيلة وجيوش نظامية لا تتوفر لدى فصائل المجاهدين كما أن الروس قد حصنوا المدن الرئيسية بخطوط دفاع قوية قبل انسحابهم مما صعب المهمة على المجاهدين وقد شاهدت بأم عيني محاولة المجاهدين تحرير مدينة جلال أباد في ربيع عام ٨٩ والتي كلفت المجاهدين الكثير دون تحقيق أي تقدم مما أرغمهم في التخلي عن هذا الهدف

٥- كانت معظم المدن تكتظ بالأهالي لأنها كانت مناطق آمنة لا تتعرض للقصف من قبل الروس وعملائهم لأنها تحت سيطرتهم وهذا أيضا مما صعب على المجاهدين عملهم

٦- حقول الألغام الكثيرة التي زرعها الروس وعملاؤهم حول المواقع العسكرية والتي أوقعت ألاف الضحايا في صفوف الأفغان وقد ذكرت سابقا أن الروس سلموا مسؤولي الأمم المتحدة خرائط بألفي حقل للألغام

وعلى أية حال سنكتفي بالحديث عن هذا الموضوع بصورة مجملة

في هذه الأثناء لجأ النظام لاستعمال كل ما لديه من أسلحة حيث بالغ باستعمال صواريخ سكود التي بحوزته ومع ذلك لم يحرز أي انجاز يستحق الذكر

إذ تابع المجاهدون عملهم في الأطراف باستنزاف القوات الحكومية واستمرت عمليات فرار الجنود وحتى كبار الضباط لأن غالبيتهم كانوا مقتنعين باستحالة هزيمة المجاهدين رغم كل ما ذكرناه سابقا

ومهما يكن من أمر فقد سقط الاتحاد السوفييتي نهاية عام ٩١ وانشغل العالم وخاصة الدول الغربية بتداعيات ذلك الحدث كما انكشفت جميع الأنظمة التي كانت تعتمد عليه لأن روسيا الاتحادية التي ورثت تركة الاتحاد السوفييتي كانت تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة جعلت الروس يتخلون عن جميع أتباعهم ومن بينهم نظام كابل مما أثر على معنويات كبار ضباط الجيش وقادة الميليشيات الذين سارع بعضهم بالانشقاق عن نظام كابل ومنهم عبد الرشيد دوستم قائد الميلشيات الأوزبكية مما سهل على المجاهدين دخول كابل رغم اقتتالهم على أبوابها وهنا دخلت قضية المسلمين في أفغانستان في أخطر مراحلها حيث كان الاقتتال بين فصائل المجاهدين سيد الموقف

وهذا ما سنتحدث عنه في الفصل القادم إن شاء الله


20201-03-06
كاتب من بيت المقدس




الاثنين، 1 مارس 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة 

الحلقة الرابعة عشر 

أهم الأحداث في عقد التسعينات
كما ذكرنا سابقا فقد انتهى عقد الثمانينات باغتيال رئيس باكستان ضياء الحق رحمه الله وانسحاب الروس من أفغانستان واغتيال الشيخ عبدالله عزام رحمه الله ودخل عقد التسعينات الذي كان حافلا بالكثير من الأحداث الجسيمة التي أثرت على أمتنا وعلى الجهاد الأفغاني بشكل خاص وهنا  لابد من نظرة سريعة على تلك الأحداث انطلاقا من النظرة الشمولية التي تعتمد على ترابط جميع قضايا المسلمين ببعضها
١-حرب الخليج الثانية
بدأ هذا العقد باجتياح العراق للكويت وهذا الحدث أدى لشرخ كبير في النظام  الرسمي العربي حيث وقفت بعض الدول العربية مع الحل الأمريكي للأزمة بتأييدها استدعاء القوات الأمريكية ومن تحالف معها إلى جزيرة العرب بحجة"تحرير الكويت" والذي كانت نتيجته تدمير العراق والكويت ومحاصرة العراق ثم احتلاله من قبل الأمريكان وتقديمه إلى إيران فيما بعد
وفي الطرف المقابل وقفت بعض الدول العربية ضد الحل الأمريكي للأزمة ولم يكن لموقفها أي تأثير في مجريات الأحداث
في ساحة العمل الإسلامي تماهت مواقف بعض الجماعات الإسلامية مع مواقف الحكومات في هذا البلد أوذاك ولم يكن لجميع فصائل العمل الإسلامي( رغم ثقلها الكمي) أي تأثير في مجريات الأحداث
في تلك الأثناء دعا أمير الجماعة الإسلامية في باكستان القاضي حسين أحمد رحمه الله إلى مؤتمر حضره عدد كبير من قيادا ت فصائل العمل الإسلامي في مختلف البلدان ومن بينهم بعض قادة الجهاد الأفغاني وأدان الحاضرون الحرب الأمريكية على العراق بل ذهبوا لأبعد من ذلك بأن نزعوا الشرعية عن جميع  الحكومات "الإسلامية" المشاركة في تلك الحرب.ولاننسى هنا المواقف الجريئة لبعض الدعاة الذين وقفوا ضد استدعاء القوات الصليبية إلى جزيرة العرب وبينوا الحكم الشرعي في هذه المسألة وخطورة تلك الحرب على حاضر الأمة ومستقبلها
هناك أظهرالأمريكيون ومن يدور في فلكهم  عداءهم الصريح للجماعات الإسلامية والذي لم يكن واضحا في العقد السابق وطفا على السطح مصطلحات جديدة مثل التشدد والتطرف والإسلام السياسي والعنف........الخ وهنا بدأ التمايز في الصف الإسلامي تتضح معالمه فظهر من يسعى لمجاملة الآخرين بحجة الواقعية ومقاصد الشريعة مع المبالغة في استعمال بعض الكلمات  كالوسطية كرد فعل على كلمة التشدد والتطرف وهنا بدأ  بعض الإسلاميين تحت ضغط الواقع بالعمل على مجاملة الآخرين  ولو على حساب ثوابت الدين وبرز في الطرف المقابل من يؤكد على صورة الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده
٢- مؤتمر مدريد
وكان من تداعيات حرب الخليج الثانية انطلاق ما سمي بمحادثات السلام بين الكيان اليهودي والحكومات العربية في مدريد وما تبعها من محادثات في أوسلو بين "منظمة التحرير الفلسطينية"والكيان اليهودي والتي أدت لما سمي بالحكم الذاتي في الضفة الغربية وقطاع عزة وهكذا انفتح الباب أمام التطبيع بين الأنظمة العربية والكيان اليهودي مما أدى لقيام بعض المعارضين للتطبيع للتجمع في محاولة لعرقلة عملية التطبيع فعقدت المؤتمرات وصدرت البيانات وتسابق البعض للمزايدة في هذا المجال حيث دخل على خط: مقاومة التطبيع "الرافضة والنصيريون ومختلف الأحزاب العلمانية(بعثيون ناصريون قوميون .....)كما دخل بعض النصارى(الأنبا شنودة زعيم أقباط مصر وكذلك نصر الله صفير زعيم المارونيين في لبنان )على نفس الخط ولكل طرف أهدافه ونواياه الخاصة
وبالطبع دخل بعض الإسلاميين في نفس المسار مع الآخرين مما أدى الى المزيد من حالة الضبابية والميوعة في المفاهيم داخل الساحة الإسلامية ولعل أخطرهأ تشويش عقيدة الولاء والبراء في أذهان بعض المسلمين
٣-أحداث الجزائر
وفي بداية العقد نجحت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات التي جرت هناك بداية العقد فقام العسكر الموالون لفرنسا بانقلاب عسكري اندلعت بعده مواجهة مسلحة بين الإسلاميين والحكومة الجزائرية ارتكب فيها أنصار فرنسا جرائم تقشعر منها الأبدان ضد المسلمين هناك وانتهت تلك الجولة ببقاء أنصار فرنسا في سدة الحكم
هنا ظهرت المواقف المتناقضة لبعض الإسلاميين الذين أيدوا الجهاد ضد حكومة كابل الشيوعية كما أيدوا محاربة النظام العراقي في حرب الخليج الثانية بينما وقفوا ضد اسلاميي الجزائر في مواجهتهم مع العسكر الذين انقلبوا على خيار المسلمين هناك بحجة عصمة دماء المسلمين وأدت هذه التناقضات المخجلة عند بعض الدعاة والعلماء إلى سقوط هيبتهم عند قطاع كبير من المسلمين مما أفقد الأمة المرجعية التي يجب احترامها
٤- كما ظهرت في مصر الجماعة الإسلامية التي تبنت خيار الجهاد ضد نظام حسني مبارك والتي تمكن النظام المصري من اخمادها
٥-بروز ظاهرة الجهاد العالمي
وهذا ماسنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله بشيء من التفصيل



20201-02-28
كاتب من بيت المقدس