الثلاثاء، 30 مارس 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين
حقائق غائبة 

الفصل العشرون
المجاهدون العرب في أفغانستان
كما ذكرنا سابقا فقد شارك عدد كبير من الشباب العربي في الجهاد الأفغاني وقد ذكرنا أن الذين شاركوا جاءوا من بلدان الجزيرة العربية والعراق والشام إضافة لبلدان شمال أفريقيا وكذلك من الجاليات العربية في أوروبا وأمريكا
وكان أكثرهم لايعانون أية مشاكل في البلدان التي أتوا منها كالذين أتوا من بلدان الجزيرة العربية وكذلك القادمون من أوروبا وأمريكا وهؤلاء كان باستطاعتهم العودة من حيث أتوا بل إن بعضهم كان يحضر إلى أفغانستان لفترة محدودة ثم يرجع ألى بلده ويعود ثانية وبالطبع لم يكن الجميع مشاركا في الأعمال العسكرية إنما وجد عدد لابأس به ممن انخرطوا باعمال الإغاثة في المناطق الحدويه وخاصة مدينة بيشاور التي ضمت عددا من المشافي كمشفى الهلال الأحمر الكويتي وكذلك مشفى لجنة الدعوة الكويتية إضافة للهلال الأحمر السعودي وغيرها من مراكز الإغاثة الأخرى
وفي مدينة بيشاور وفي ساحات الجهاد داخل أفغانستان تجمع عدد كبير من الشباب العربي من مختلف التوجهات الحركية والذين فروا من بطش الحكومات في بلدانهم وهنا ذابت التوجهات القطرية الضيقة عند الكثيرين خاصة أن هؤلاء كانو ناقمين على الأوضاع القائمة في العالم لأنهم ضحايا ذلك الواقع المؤلم وهنا نمت البذرة الأولى لظاهرة الجهاد العالمي والتي فرضت نفسها فيما بعد كأخطر ظاهرة تهدد النظام العالمي القائم كما تحدث عن ذلك العديد من المحللين الاستراتيجيين بل إن تصرف أركان النظام العالمي مع تلك الظاهرة خير دليل على جديتها ومدى خطورتها وعلى أية حال فهذا موضوع شائك ولايمكننا الإلمام به في هذه العجالة
وبخصوص الشباب الذين فروا من بلدانهم فإن معظمهم كان مسجلا لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والتي ساعدت بعضهم باللجوء إلى أوروبا وأمريكا واستراليا وأعرف بعض الأخوة الذين جاءوا إلى دول شمال أوروبا
ومع انتهاء الجهاد الأفغاني اشتدت المضايقات على الفارين من بلدانهم حيث اندلعت في هذه الأثناء المواجهات بين نظام الحكم في الجزائر والإسلاميين هناك بعد الانقلاب على نتائج الانتخابات وكذلك حصلت بعض المواجهات مع النظام المصري كما اندلعت الحرب في الشيشان والبلقان ضد المسلمين هناك وكذلك الحرب بين أذربيجان والأرمن الذين احتلوا إقليم ناغورنو كاراباخ فانتقل بعض المجاهدين العرب إلى ساحات المعارك في تلك البلدان نصرة لإخوانهم المسلمين في تلك البلدان وهذا الأمر لم يكن ليرضي أهل الكفر والنفاق على اختلاف نحلهم فظهر في هذه الفترة (بداية تسعينات القرن الماضي)مصطلح العرب الأفغان والتي باتت المادة الرئيسية في وسائل الإعلام والتي يتحكم بها أعداء الأمة فصار المجاهدون العرب الذين تقطعت بهم السبل مطاردين من قبل جميع أجهزة المخابرات العالمية وحتى من قبل بعض الأفغان الذين تأثروا بما يتلقونه من وسائل الإعلام التي تصف المجاهدين العرب بالوهابيين وهذه كلمة لا أصل لها إنما اخترعها الرافضة فتلقاها بعض المسلمين بعد أن تم تشويهها كثيرا في أذهانهم وخاصه غير الناطقين بالعربية وهذا الموضوع فيه كلام كثير إنما يكفي أن نقول أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم تكن سوى دعوة إصلاحية تهدف لاعادة المسلمين إلى التمسك بالكتاب والسنة وظهرت في وقت عم فيه الجهل وانتشرت فيه البدع والخرافات مع التقليد الأعمى بين المسلمين فكان من الطبيعي أن تواجه تلك الدعوة ردود فعل عنيفة من قبل قطاع لا بأس به من أبناء الأمة الذين يصعب عليهم الخروج على ما ألفوه والذي زاد الطين بلة هو بعض التصرفات(التي تفتقد الحكمة)  من قبل بعض أتباع الدعوة يضاف إلى ذلك تسييس الدعوة بعد تفريغها من محتواها وتحويلها لأداة لتطويع الأمة للساسة الذين يدورون في فلك الأعداء مما سهل على الأعداء تشويه الدعوة واستعمال كلمة الوهابية لمحاربة كل مخلص لدينه وأمته وبالتالي ينساق أبناء الأمة في مخططات الأعداء وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
وعلى أية حال فقد التجأ من تبقى من المجاهدين العرب إلى الإمارة الإسلامية في أفغانستان وهنا لابد من الاشارة للمواقف المشرفة لبعض قادة الجهاد الأفغاني الذين آووا إخوانهم العرب قبل تأسيس الإمارة الإسلامية في أفغانستان ويأتي في مقدمتهم الملا جلال الدين حقاني رحمه الله وجعل ذلك العمل في ميزان حسناته
كما ينبغي أن نشير إلى أن بعض المجاهدين العرب قد رفضوا العروض المقدمة إليهم بالهجرة إلى أوروبا وأمريكا وآثروا البقاء في ساحة الجهاد
بعد تأسيس الإمارة الإسلامية في أفغانستان أعلن قادة المجاهدين العرب مبايعتهم للملا عمر محمد رحمه الله والذي بدوره أحسن استقبالهم وقد أشرنا سابقا إلى نجاح ثلة قليلة من المجاهدين العرب بحماية مدينة كابل من تحالف الشمال مما رفع من أسهمهم عند قادة طالبان كل ذلك أدى لأن يشعر المجاهدون العرب بالحرية التامة في أفغانستان فكان من نتيجة ذلك تأسيس ما أطلق عليه الجبهة الإسلامية العالمية لمحاربة اليهود والنصارى وباشرت عملها ضد المصالح الأمريكية حيث نفذت عدة عمليات في الجزيرة العربية وشرق أفريقيا  قام بعدها الأمريكيون بقصف أفغانستان ب ٧٥ صاروخا من طراز كروز في صيف ١٩٩٨ كما اشتد الحصار على الإمارة الإسلامية ومع ذلك لم يغير ذلك من موقف الإمارة الإسلامية من ضيوفهم العرب واستمرت الأمور على هذه الحالة حتى وقعت أحداث ١١ أيلول عام ٢٠٠١ لتدخل الإمارة الإسلامية في أفغانستان بامتحان أشد مما تعرضت له فيما مصى
وهذا ماسنتحدث عنه في الفصل القادم إن شاء الله




20201-03-30
كاتب من بيت المقدس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق