الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين
حقائق غائبة
حقائق غائبة
الفصل العشرون
المجاهدون العرب في أفغانستان
كما ذكرنا سابقا فقد شارك عدد كبير من الشباب العربي في الجهاد الأفغاني وقد ذكرنا أن الذين شاركوا جاءوا من بلدان الجزيرة العربية والعراق والشام إضافة لبلدان شمال أفريقيا وكذلك من الجاليات العربية في أوروبا وأمريكا
وكان أكثرهم لايعانون أية مشاكل في البلدان التي أتوا منها كالذين أتوا من بلدان الجزيرة العربية وكذلك القادمون من أوروبا وأمريكا وهؤلاء كان باستطاعتهم العودة من حيث أتوا بل إن بعضهم كان يحضر إلى أفغانستان لفترة محدودة ثم يرجع ألى بلده ويعود ثانية وبالطبع لم يكن الجميع مشاركا في الأعمال العسكرية إنما وجد عدد لابأس به ممن انخرطوا باعمال الإغاثة في المناطق الحدويه وخاصة مدينة بيشاور التي ضمت عددا من المشافي كمشفى الهلال الأحمر الكويتي وكذلك مشفى لجنة الدعوة الكويتية إضافة للهلال الأحمر السعودي وغيرها من مراكز الإغاثة الأخرى
وفي مدينة بيشاور وفي ساحات الجهاد داخل أفغانستان تجمع عدد كبير من الشباب العربي من مختلف التوجهات الحركية والذين فروا من بطش الحكومات في بلدانهم وهنا ذابت التوجهات القطرية الضيقة عند الكثيرين خاصة أن هؤلاء كانو ناقمين على الأوضاع القائمة في العالم لأنهم ضحايا ذلك الواقع المؤلم وهنا نمت البذرة الأولى لظاهرة الجهاد العالمي والتي فرضت نفسها فيما بعد كأخطر ظاهرة تهدد النظام العالمي القائم كما تحدث عن ذلك العديد من المحللين الاستراتيجيين بل إن تصرف أركان النظام العالمي مع تلك الظاهرة خير دليل على جديتها ومدى خطورتها وعلى أية حال فهذا موضوع شائك ولايمكننا الإلمام به في هذه العجالة
وبخصوص الشباب الذين فروا من بلدانهم فإن معظمهم كان مسجلا لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والتي ساعدت بعضهم باللجوء إلى أوروبا وأمريكا واستراليا وأعرف بعض الأخوة الذين جاءوا إلى دول شمال أوروبا
ومع انتهاء الجهاد الأفغاني اشتدت المضايقات على الفارين من بلدانهم حيث اندلعت في هذه الأثناء المواجهات بين نظام الحكم في الجزائر والإسلاميين هناك بعد الانقلاب على نتائج الانتخابات وكذلك حصلت بعض المواجهات مع النظام المصري كما اندلعت الحرب في الشيشان والبلقان ضد المسلمين هناك وكذلك الحرب بين أذربيجان والأرمن الذين احتلوا إقليم ناغورنو كاراباخ فانتقل بعض المجاهدين العرب إلى ساحات المعارك في تلك البلدان نصرة لإخوانهم المسلمين في تلك البلدان وهذا الأمر لم يكن ليرضي أهل الكفر والنفاق على اختلاف نحلهم فظهر في هذه الفترة (بداية تسعينات القرن الماضي)مصطلح العرب الأفغان والتي باتت المادة الرئيسية في وسائل الإعلام والتي يتحكم بها أعداء الأمة فصار المجاهدون العرب الذين تقطعت بهم السبل مطاردين من قبل جميع أجهزة المخابرات العالمية وحتى من قبل بعض الأفغان الذين تأثروا بما يتلقونه من وسائل الإعلام التي تصف المجاهدين العرب بالوهابيين وهذه كلمة لا أصل لها إنما اخترعها الرافضة فتلقاها بعض المسلمين بعد أن تم تشويهها كثيرا في أذهانهم وخاصه غير الناطقين بالعربية وهذا الموضوع فيه كلام كثير إنما يكفي أن نقول أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم تكن سوى دعوة إصلاحية تهدف لاعادة المسلمين إلى التمسك بالكتاب والسنة وظهرت في وقت عم فيه الجهل وانتشرت فيه البدع والخرافات مع التقليد الأعمى بين المسلمين فكان من الطبيعي أن تواجه تلك الدعوة ردود فعل عنيفة من قبل قطاع لا بأس به من أبناء الأمة الذين يصعب عليهم الخروج على ما ألفوه والذي زاد الطين بلة هو بعض التصرفات(التي تفتقد الحكمة) من قبل بعض أتباع الدعوة يضاف إلى ذلك تسييس الدعوة بعد تفريغها من محتواها وتحويلها لأداة لتطويع الأمة للساسة الذين يدورون في فلك الأعداء مما سهل على الأعداء تشويه الدعوة واستعمال كلمة الوهابية لمحاربة كل مخلص لدينه وأمته وبالتالي ينساق أبناء الأمة في مخططات الأعداء وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا
وعلى أية حال فقد التجأ من تبقى من المجاهدين العرب إلى الإمارة الإسلامية في أفغانستان وهنا لابد من الاشارة للمواقف المشرفة لبعض قادة الجهاد الأفغاني الذين آووا إخوانهم العرب قبل تأسيس الإمارة الإسلامية في أفغانستان ويأتي في مقدمتهم الملا جلال الدين حقاني رحمه الله وجعل ذلك العمل في ميزان حسناته
كما ينبغي أن نشير إلى أن بعض المجاهدين العرب قد رفضوا العروض المقدمة إليهم بالهجرة إلى أوروبا وأمريكا وآثروا البقاء في ساحة الجهاد
بعد تأسيس الإمارة الإسلامية في أفغانستان أعلن قادة المجاهدين العرب مبايعتهم للملا عمر محمد رحمه الله والذي بدوره أحسن استقبالهم وقد أشرنا سابقا إلى نجاح ثلة قليلة من المجاهدين العرب بحماية مدينة كابل من تحالف الشمال مما رفع من أسهمهم عند قادة طالبان كل ذلك أدى لأن يشعر المجاهدون العرب بالحرية التامة في أفغانستان فكان من نتيجة ذلك تأسيس ما أطلق عليه الجبهة الإسلامية العالمية لمحاربة اليهود والنصارى وباشرت عملها ضد المصالح الأمريكية حيث نفذت عدة عمليات في الجزيرة العربية وشرق أفريقيا قام بعدها الأمريكيون بقصف أفغانستان ب ٧٥ صاروخا من طراز كروز في صيف ١٩٩٨ كما اشتد الحصار على الإمارة الإسلامية ومع ذلك لم يغير ذلك من موقف الإمارة الإسلامية من ضيوفهم العرب واستمرت الأمور على هذه الحالة حتى وقعت أحداث ١١ أيلول عام ٢٠٠١ لتدخل الإمارة الإسلامية في أفغانستان بامتحان أشد مما تعرضت له فيما مصى
وهذا ماسنتحدث عنه في الفصل القادم إن شاء الله
20201-03-30
كاتب من بيت المقدس
كاتب من بيت المقدس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق