الجمعة، 19 مارس 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين
حقائق غائبة 


الحلقة الثامنة عشر
دخول حركة طالبان إلى كابل

كما ذكرنا سابقا فقد تمكنت طالبان من إحكام سيطرتها على مدينة كابل في ٢٧ أيلول من عام ١٩٩٦ بعد مواجهات عنيفة مع الفصائل التي كانت تسيطر على المدينة وفي مقدمتها الجمعية الإسلامية التي يتزعمها برهان الدين رباني واتحاد المجاهدين الذي يتزعمه عبد رب الرسول سياف وأول عمل قام به مجاهدوا الحركة قتل نجيب الله آخر حكام أفغانستان من الشيوعيين مع شقيقه واللذان كانا مختبئين في مبنى "الأمم المتحدة "منذ ربيع عام ١٩٩٢ وعندها أثبتت الحركة أنها ليست أداة بيد الحكومة الباكستانية كما كان يتهمها الكثيرون بمن فيهم بعض الطيبين من الإسلاميين وعندها دخلت الحركة في مواجهة مع النظام العالمي الذي تهيمن عليه قوى الكفر التي راحت تدعم أعداء الحركة الذين تجمعوا بجبهة واحدة أطلقوا عليها اسم "الجبهة الإسلامية المتحدة" والتي كانت تضم اضافة لجماعة رباني وسياف فلول الشيوعيين الذين انشقوا عن نظام كابل قبيل سقوطه وعلى رأسهم عبد الرشيد دوستم اضافة لأحزاب الرافضة والجماعات والفصائل الصوفية والقومية أما غلب الدين حكمتيار فقد خرج إلى أيران بعد أن انضم معظم أعضاء جماعته لحركة طالبان والذين لم ينضموا للحركة فقد توقفوا عن القتال
أما الذين تسموا" بالجبهة الإسلامية المتحدة أو ماعرف فيما بعد ذلك باسم تحالف الشمال فقد أصروا على مقاتلة حركة طالبان وراحوا يتلقون الدعم المادي والمعنوي من قوى الكفر العالمي في الشرق والغرب وعلى رأسهم إيران النفاق ومجوس الهند بل إن القائد أحمد مسعود شاه والذي كان يتسلم منصب وزير الدفاع في حكومة "المجاهدين" قام بزيارة للدول الأوروبية وهذا ماشاهدته على شاشات التلفزة وكان يرتدي الملابس الأوروبية
وهنا سقط أولئك الذين تسموا بالمجاهدين حيث قبلوا لأنفسهم التحالف مع المشركين (الرافضة)والمرتدين (فلول الشيوعيين) داخل أفغانستان كما تحالفوا مع قوى الكفر العالمي خارج أفغانستان أما حركة طالبان فقد أعلنت عن تأسيس الإمارة الإسلامية في أفغانستان فكان عليها مواصلة الحرب بعد أن اكتسبت الشرعية بما حققته من انجازات خاصة على الصعيد الأمني حيث شعر الأفغان لأول مرة بالأمن الذي فقدوه في السنوات الماضية نتيجة لاقتتال الفصائل الذي تحدثنا عنه سابقا
وبالطبع لم يكن هذا ليرضي قوى الكفر العالمي ومن يدور في فلكها من حكومات في العالم الإسلامي وهنا بدأت الإمارة الإسلامية تواجه الابتلاءات ففي الداخل كان عليها مواجهة تحالف الشمال لانتزاع ماتبقى من البلاد وقد تمكنت الامارة الاسلامية بعد عامين من احكام سيطرتها على ٩٠ بالمئة من أفغانستان بعد أن قدمت تضحيات كبيرة حيث تم تحرير مدينة مزار شريف في أقصى شمال أفغانستان عام ٩٨ وفي هذه الأثناء قتل ١١ شخصا في القنصلية الإيرانية في مزار شريف يحملون صفة دبلوماسيين وهم رجال مخابرات كانوا يساعدون حلفاءهم من الرافضة وعندها شاهدنا كيف توحد الرافضة على اختلاف توجهاتهم وراحوا يهاجمون حركة طالبان ويصفونهم بعملاء أمريكا وغيرها من الترهات التي يرمون بها خصومهم وهددت إيران الامارة الإسلامية التي لم تكترث بتلك التهديدات بل أعلنت استعدادها للمواجهة فالتزم الرافضة الصمت وراحوا يكيدون في الخفاء كعادتهم
وعلى أية حال فقد تحصن جماعة تحالف الشمال في المناطق الجبلية حتى نهاية عام ٢٠٠١ عندما دخلوا كابل مع الغزو الصليبي لأفغانستان وهذا ماسنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله
على الصعيد الخارجي لم تعترف بالامارة الإسلامية سوى ثلاث دول هي باكستان وكذلك الإمارات العربية والسعودية واللتان سحبتا اعترافهما بعد أحداث أيلول ٢٠٠١ أما عن الصعوبات والابتلاءات التي واجهت تلك الدولة الوليدة فسنتحدث عنها في الفصل القادم إن شاء الله




20201-03-19
كاتب من بيت المقدس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق