الخميس، 31 ديسمبر 2020

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة 

الحلقة الأولى

أفغانستان لمحة تاريخية وجغرافية

 وهنا سنكتفي بالتطرق لبعض المعلومات العامة عن أفغانستان والتي تهمنا في هذ البحث

فمن حيث الجغرافيا تقع أفغانستان في وسط آسيا يحدها من الشمال أوزبكستان وطاجكستان وتركمانستان وهي من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق وترتب على هذا الأمر غزو أفغانستان من قبل الاتحاد السوفييتي وهذا ما سنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله. ويحدها من الغرب إيران ومن الشرق الصين ومن الجنوب الشرقي والشرق باكستان وهي منفذ أفغانستان على العالم حيث أن أفغانستان لا تطل على البحار وتبلغ مساحة أفغانستان حوالي ٦٥٠ كم٢ تشكل الجبال الشاهقة معظم هذه المساحة مما جعلها عصية على الاحتلال عبر التاريخ ويبلغ عدد السكان حوالي ٣٨ مليونا ويتألف سكان أفغانستان من البشتون وهم أكبر مجموعة سكانية ويتكلمون البشتونية أما الطاجيك فهم المجموعة الثانية ويتكلمون الفارسية وهاتان اللغتان رسميتان في أفغانستان وهناك الأوزبك وكذلك الهزارة

ومن ناحية الديانة فيشكل المسلمون ٩٠ بالمئة من السكان ويشكل الرافضة(الاسماعيلية والجعفرية) حوالي ١٠ بالمئة  كما توجد مجموعة قليلة من السيخ والهندوس.والمجتمع الأفغاني مجتمع قبلي وهذا يعتبر عاملا مهما في التماسك الاجتماعي ويحافظ الأفغان على عاداتهم القبلية وكذلك التمسك بشعائر الإسلام رغم انتشار الجهل والأمية عندهم حيث لم تتعرض بلادهم للاحتلال الأجنبي ومايتبعه من تغريب حضاري كما حصل في غيرها من بلاد المسلمين

ومن الناحية التاريخية فقد دخل الإسلام تلك البلاد بعد معركة النهاوند عام ٢١ هجرية وكانت تسمى بخراسان وتشكلت بحدودها الحالية في القرن الثامن عشر الميلادي وحاول الإنكليز احتلاها أكثر من مرة وفشلوا بعد أن تكبدوا خسائر فادحة هناك وأما نظام الحكم فكان ملكيا وآخر ملوكهم هو محمد ظاهر شاه والذي حكم أفغانستان حوالي أربعة عقود منذ عام ١٩٣٣ حتى عام ١٩٧٣ وقد بذل جهودا حثيثة لتغريب المجتمع الأفغاني واستطاع أن يحدث بعض الاختراق للشيوعيين هناك لكنه كان يتصرف بطريقة في غاية الخبث بل تراجع عن بعض القرارات في هذا المجال(مثل محاربة الحجاب بسبب ردود الفعل التي واجهها وهذا ماذكره الشيخ عبد الله عزام رحمه الله) حفاظا على ملكه وهذا شأن الذين على شاكلته حيث يتظاهرون باحترامهم للدين والقيم السائدة في مجتمعهم نفاقا ويعملون على هدمها بمعاول لاتراها العيون

وفي ١٧ تموز من ١٩٧٣ قام  محمد داوود خان وهو ابن عم الملك بانقلاب عسكري والغى الملكية ونصب نفسه رئيسا ومنذ ذلك الحين اندلعت الحرب في تلك البلاد والتي ماتزال مستعرة حتى اليوم وهذا ماسنتطرق إليه في الحلقات القادمة إن شاء الله

2020-12-28

كاتب من بيت المقدس


الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة

المقدمة

بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

لقد انشغلت وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي خلال الفترة الماضية( أي بداية شهر تشرين الأول من عام ٢٠٢٠) وماتزال بالحديث عن المفاوضات بين طالبان والأمريكان ويكاد المرء يرى شبه اجماع على تمجيد حركة طالبان وماحققته من انتصار عسكري على أعتى قوة في هذا العصر بعد عقدين من الحرب الضروس والشيء الملفت للانتباه ثناء بعض أبواق  المشروع الرافضي الإعلامية على ذلك الانجاز وهم الذين يقللون من قيمة أي عمل جهادي لأهل السنة مهما كان حجمه

وقد سبق هذه المباحثات جولة أخرى نهاية شهر شباط و لكنها لم تحظ بنفس الدرجة من الاحتفاء كما في هذه الجولة و التي تميزت بمشاركة دول أخرى إضافة للحكومة العميلة في كابل فما سر ذلك؟؟؟؟هل تخلت طالبان عن ثوابتها؟؟؟أم ماذا؟؟؟؟

 وقبل أن نمضي بعيدا في هذا الموضوع لابد لنا من الاعتراف بأن هذا الانجاز أي هزيمة أمريكا في تلك الحرب الطويلة(وهذا مايعترف به الإعلام في الدول الغربية) أقول يعتبر ذلك نقطة مضيئة وسط نفق مظلم طويل في تاريخ أمتنا المعاصر وحتى نفهم هذه التجربة لابد لي من العودة بالاحداث إلى بدايتها مستندا بذلك لما أحفظه في ذاكرتي من معلومات حول هذا الموضوع حيث قرأت في منتصف سبعينات القرن الماضي كتابا كاملا عن أفغانستان من تأليف محمود شاكر الحرستاني(رحمه الله) وهو من أبناء بلدة حرستا في الشام ومتخصص بعلمي التاريخ والجغرافيا وألف سلسلة من الكتب عن البلدان الإسلامية بعنوان مواطن الشعوب الإسلامية وفيها يتحدث عن بلدان العالم الإسلامي من حيث التاريخ والجغرافيا والأوضاع الاجتماعية والسياسية في كل بلد وبشيء من التفصيل وزاد اهتمامي بأفغانستان بعد وصول الشيوعيين إلى الحكم هناك يوم ٣٧ نيسان عام ١٩٧٨ ثم الغزو السوفييتي نهاية العام التالي ومما عمق اهتمامي أكثر فأكثر وجودي في السويد منذ عام ١٩٨٣ حيث تفاعل المسلمون في أوروبا وأمريكا مع ذلك الحدث بصورة كبيرة بل وشارك عدد لابأس به من شباب المسلمين عندنا في الجهاد الأفغاني وهذا ماسنتطرق إليه بشيء من التفصيل وكنت من الذين سافروا إلى باكستان ودخلوا أفغانستان في تلك الفترة مما جعلني أمتلك قدرا لابأس به من المعلومات حول هذا الموضوع أرجو ألله أن يساعدني على نشرها فإن أصبت فبفضل الله وتوفيقه وإن أخطأت فمن نفسي ومن الشيطان وكل شيء يثبت خطؤه فأنا بريء منه حيا أوميتا

وسنبدأ بتقديم لمحة جغرافية  اجتماعية وتاريخية عن ذلك البلد ثم ننتقل بعد ذلك للحديث عن الأحداث السياسية 

بعد ذلك سنتحدث عن وصول الشيوعيين إلى الحكم والغزو الروسي  ثم نتحدث عن الجهاد ضد الروس وهزيمة الاتحاد السوفيتي ودخول المجاهدين مدينة كابل وماتلاها من أحداث أدت لظهور حركة طالبان  وسيطرتها على مدينة كابل ثم أحداث الحادي عشر من سبتمبر والغزو الصليبي لأفغانستان حتى يومنا هذا وسنختم هذه السلسلة بالحديث عن مستقبل حركة طالبان



2020-12-28

كاتب من بيت المقدس