الجمعة، 14 يناير 2022

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين
حقائق غائبة

  الفصل الثالث والعشرون
الجزء الثاني

مسار العمليات داخل الساحة الأفغانية

لقد شكلت أحداث الحادي عشر من أيلول ارباكا كبيرا للأمريكيين الذين كانوا يعدون لغزو أفغانستان والعراق بهدوء وبعيدا عن الأضواء بمعنى أنهم كانوا يطبخون المؤامرة على نار هادئة(كما يقال)

والآن فقد وجد الأمريكيون أنفسهم مرغمين على الدخول في تلك الحرب قبل الاستعداد التام لها بل إن الكثير من العمليات قد تم التخطيط لها على عجل مما جعلها متعثرة في بداياتها رغم العون الذي حصلوا عليه من الدول ذات العلاقة بالشأن الأفغاني وخاصة باكستان وإيران إضافة لبلدان الجزيرة العربية والروس وبلدان وسط آسيا ومع ذلك فقد واجه الأمريكيون معضلة كبيرة مع الحاضنة الاجتماعية لحركة طالبان أي قبائل البشتون والتي تشكل أكبر مجموعة عرقية في أفغانستان مع وجود امتداد لها داخل باكستان لذلك ركز الأمريكيون عبر  مخابرات الدول المتعاونة معهم العمل أولا على محاولة شق صفوف حركة طالبان وقد باءت تلك المحاولات بالفشل حيث بقيت الحركة متماسكة تقارع الأمريكيين على مدى عقدين من الزمن

وبالتوازي مع ذلك تركز العمل على استمالة بعض قبائل البشتون وينقل الصحفي محمد فهمي هويدي عن حكمتيار أن حامد كرزاي قد زاره في مقر اقامته في إيران محاولا أقناعه بالتعاون معه ضد طالبان لكن حكمتيار رفض ذلك وبعد ذلك دخل كرزاي إلى أفغانستان ونجح باستمالة بعض القبائل البشتونية وقبله فشلت محاولة للمخابرات الباكستانية بإدخال أحد قادة الجهاد السابقين واسمه عبد الحق والذي دخل أفغانستان من الحدود الباكستانية ونجحت طالبان بكشف تلك المؤامرة وألقت القبض عليه وقتلته بعد اسبوعين من بدء الغزو الأمريكي

وأما بخصوص المناوشات مع تحالف الشمال فقد كانت السيطرة على المناطق تتم أحيانا من قبل التحالف لتقوم طالبان باستعادتها بعد مدة واستمرت الأمور على هذا المنوال عدة أسابيع كانت خلالها الطائرات الأمريكية تتابع غاراتها على أفغانستان وخاصة على جبال تورا بورا حيث استعمل الأمريكيون كل مايملكونه في ترساناتهم واستخدموا لأول مرة القنابل العملاقة التي تزن سبعة أطنان كما استخدموا قاذفات القنابل من طراز ب ٥٢  ومع ذلك لم يحرزوا أي تقدم يستحق الذكر وخلال هذه الفترة وصل لحركة طالبان آلاف المجاهدين من باكستان

وأخيرا قدم رافضة إيران الخطة التي أنقذت الأمريكان من مأزقهم حيث قدموا خرائط مفصلة عن خطوط الدفاع لحركة طالبان فقام الأمريكيون بتركيز القصف عليها بينما يقوم تحالف الشمال بالهجوم البري على تلك الجبهات واختراقها وبالتالي السيطرة على المدن وخاصة في شمال أفغانستان حيث تتواجد الحاضنة الاجتماعية لذلك التحالف

وهكذا صارت المدن الرئيسية في الشمال والغرب تقع في أيدي ذلك التحالف ففي التاسع من تشرين الثاني دخل مقاتلوا التحالف مزار شريف وبعد ذلك بأربعة أيام دخلوا مدينة كابل أما مدينة قندهار  فقد سقطت يوم ٦ كانون الأول بعد تفاهمات بين قبائل البشتون الموالية للغزو الأمريكي وحركة طالبان فخرح الملا عمر رحمه الله من المدينة مع بعض قادة الحركة وعدد من المجاهدين حيث قرر قادة الجهاد إخلاء المدن والانحياز إلى المناطق النائية والتحصن في الجبال استعدادا للمرحلة التالية من الحرب والتي بدأت بعد أن حط الصليبيون رحالهم هناك وهكذا تنفس الصليبيون والمنافقون الصعداء وأظهروا فرحتهم بما حصل ظنا منهم أنهم قد حسموا المعركة لصالحهم وصارت قنوات النفاق الفضائية كقناة "المنار"تتحدث عن "ملاحقة القوات الأمريكية لفلول طالبان والقاعدة"وأبدى الكفار والمنافقون شماتتهم لما أصاب الثلة المؤمنة في أفغانستان والتي سنتحدث عنها في الفصل القادم إن شاء الله



2022-01-14
كاتب من بيت المقدس