الأربعاء، 20 يناير 2021

 

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة 

الحلقة الثانية

أطماع الروس في أفغانستان

ذكرنا أن أفغانستان تقع في وسط آسيا ويحدها من الشمال ثلاث من جمهوريات الإتحاد السوفييتي السابق وبحدود يبلغ طولها حوالي ١٢٠٠ كم مع وجود تداخل اجتماعي على جانبي الحدود حيث يتركز وجود الطاجيك والأوزبك شمال أفغانستان محاذين لبني جلدتهم في الاتحاد السوفييتي السابق، وكما يقال فإن للجغرافيا استحقاقاتها.

لذلك اعتبر الروس أفغانستان حديقتهم الخلفية أي أنها تدخل ضمن منطقة نفوذهم بل إنهم كانوا يخططون لابتلاعها  بعد أن سيطروا على بقية بلدان المسلمين في وسط آسيا ،من أجل ذلك بدؤوا بالتمهيد لغزو تلك البلاد منذ زمن بعيد حيث أقاموا علاقات عسكرية وذلك بتوريد السلاح لافغانستان ومايتبع ذلك من إرسال الخبراء العسكريين والفنيين لتدربب الأفغان على تلك الأسلحة كما تم ارسال بعض الضباط الأفغان للدراسة في المعاهد العسكرية الروسية وهكذا شيئا فشيئا تسللت الشيوعية إلى تلك البلاد منذ زمن الملك محمد ظاهر شاه والذي كان شديد الحرص على تغريب المجتمع كما أن محمد داوود عمل رئيسا لوزرائه لسنوات طويله وكان ميالا للشيوعيين فسلمهم العديد من المناصب الحساسة في البلاد وزاد نفوذهم بعد وصوله إلى سدة الحكم عام ١٩٧٣، ساعدهم على ذلك تفشي الجهل والأمية بين الأفغان رغم انتشار مظاهر الإسلام عند غالبية الأفغان(كالحجاب واللحية)ذلك أن التدين التقليدي القائم على الجهل ومايتبع ذلك من تفشي البدع والخرافات وبعض العادات الإجتماعية التي تنسب للإسلام كل ذلك يجعل هذا النمط من التدين عاجزا عن مواجهة العلمانية بكل أشكالها

وهذا ما ساعد على انتشار الشيوعية بين النخب المتعلمة في أفغانستان وقد عرفت ذلك بنفسي في أوروبا حيث تعرفت على عدد لابأس به من الأفغان الذين انتسبوا للأحزاب الشيوعية في تلك البلاد وقد من الله عليهم بالهداية فندموا على انتسابهم للأحزاب بل إن أحدهم اعتبر ذلك اكثر التصرفات حماقة في حياته

وفي الجهة المعاكسة نشأت حركات إسلامية في أفغانستان نتيجة لمحاذاتها لباكستان حيث التداخل الإجتماعي على جانبي الحدود حيث نشأت جماعات حركية ترتبط بالجماعة الإسلامية في باكستان كما نشأت تيارات أخرى ترتبط بالجماعات التقليدية، لذلك بدأ الصراع بين الجماعات الإسلامية والتيار العلماني منذ زمن محمد داوود خان لكنها لم تكن ذات بال فلم تتحدث عنها وسائل الإعلام في حينها نتيجة للتعتيم المتعمد الذي تمارسه مؤسسات الكفرالعالمية في كل أمر يخص المسلمين وقد تحدث الشيخ عبد الله عزام رحمه الله في كتاباته عن هذا الموضوع لما سمعه ممن شاركوا في تلك الأحداث

وأراد محمد داوود في السنة الأخيرة من حكمه أن يتوجه غربا فأعتقل قيادات الحزب الشيوعي ولكن بعد فوات الأوان حيث قام الشيوعيون بانقلاب دموي أدى لمقتله مع أفراد عائلته وسيطرة الشيوعيين على الحكم وذلك يوم ٢٧ نيسان عام  ١٩٧٨  كما قاموا بقتل العديد من العلماء والوجهاء مما استفز مشاعر عامة الشعب الأفغاني فاحتدمت المواجهات بين المسلمين من جهه وبين الحكومة الشيوعية ومما ساعد على ذلك الطبيعة الجغرافية وتوفر السلاح عند عامة الناس إضافة لطبيعة الشعب الأفغاني الذي يتمتع بالصلابة والشجاعة آضافة للتمسك بالعادات والتقاليد مع الإحترام الشديد للدين وللعلماء



2020-12-28

كاتب من بيت المقدس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق