الثلاثاء، 26 يناير 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة 


الحلقة الخامسة

حالة الأمة الإسلامية نهاية عقد السبعينيات

لقد كان لهزيمة حزيران عام ٦٧  وقعها المؤلم على الأمة ومن نتائجها الإيجابية انكشاف العلمانية وسقوطها المعنوي وخاصة في البلدان العربية التي شهدت عودة قطاع لابأس به من أبناء الأمة الى دينهم فصارت المساجد تكتظ بروادها من جيل الشباب بعد أن كانت في العقد السابق مقتصرة على المسنين كما أصبح الكتاب الإسلامي يتصدر قائمة المبيعات من الكتب كما انتشرت مظاهر الإسلام الأخرى كإطلاق اللحية والحجاب وازداد عدد المساجد وانتشرت أشرطة الكاسيت للدعاة المعروفين وكما ذكرنا سابقا فإن للجماعات الحركية دورا بارزا في التصدي للعلمانية حيث قدمت تصورا شاملا للإسلام اجتذب قطاع الشباب والمتعلمين في المجتمع وهنا لابد أن نذكر الدور البارز لبعض الدعاة كسيد قطب وشقيقه محمد وكذلك الشيخ الندوي والمودودي( رحمهم الله )بما قدموه للمكتبة الإسلامية من كتب تجعل المسلم معتزا بإسلامه محتقرا للجاهلية بشتى صورها وأشكالها.وقد انتشرت مظاهر الصحوة الإسلامية في شتى بقاع العالم الإسلامي بدرجات متفاوته ولكنها كانت صحوة عفوية أي لم يكن خلفها عمل منظم ومخططات مدروسة بمعنى أن الأمة بدأت تعود إلى دينها نتيجة افلاس انظمة الحكم القائمة فاستجابت للدعاة بصورة غير مسبوقة حيث وجدت الأمة أن طريق النجاة لا يكون ألا بالعودة إلى دينها وربها وهكذا نستطيع أن نقول أن الجماعات الحركية قد نجحت في هذا الجانب وتوقفت عند هذا الحد بمعنى أنها لم تستطع توظيف تلك النقلة النوعية التي حدثت في الأمة بعمل ملموس يؤدي لعودة الحكم بما أنزل الله إلى الواقع مما أوجد حالة من الفصام بين ما يؤمن به المسلم وبين الواقع الذي يعيشه  مما جعل قطاعا كبيرا من شباب الامة يعاني من أزمة شديدة في المفاهيم إذ بات الجميع يتساءل وماذا بعد ؟؟؟؟ كيف ومتى نصل إلى هدفنا المنشود وهو إقامة حكم الله في الأرض وسنرى لاحقا تأثير ذلك على الجهاد ضد الروس

كل ذلك كان يتم رصده من قبل أعداء الأمة الذين باتوا يدرسون تلك الظاهرة ويتحدثون عما يسمونه بعودة الأصولية الإسلامية ويضعون الخطط لمواجهتها

في هذه الأثناء حدثت الثورة الإيرانية بعد أن رأى الغرب ضرورة مواجهة المرحلة القادمة بتعبير آخر مواجهة زحف الشيوعية من الشرق ومواجهة الأصولية الإسلامية التي ستعيد لأمة الإسلام مكانتها الأولى تحت الشمس فكان لابد إذا من تجريب سلاح جديد ذو بعد عقائدي بعد أن استنفذت العلمانية دورها وباتت عاجزة عن مواجهة تحديات تلك المرحلة

 لقد انخدع معظم المسلمين  باديء الأمر في تلك الثورة ظنا منهم أن دولة الإسلام قد قامت فارتفعت المعنويات في بداية الأمر مما أدى لحدوث المواجهة مع بعض الأنظمة وخاصة النظام النصيري في الشام كما ازدادت حدة المواجهات مع النظام الشيوعي في كابل كما أسلفنا

وقد تنبه لحقيقة الثورة الإيرانية عدد قليل من الإسلاميين وعلى رأسهم الشيخ محمد سرور (رحمه الله )والذي حذرالأمة في وقت مبكر من خطر تلك الثورة في كتابه الشهير (وجاء دور المجوس)وقد أثبتت الوقائع صحة ماذهب إليه من أن الغاية من تلك الثورة هي إعادة تأهيل الرافضة ليكونوا رأس الحربة للصليبيين في مواجهة الأمة الإسلامية وهذا ما بدا واضحا بصورة جلية لا لبس فيها في السنوات القليلة الماضية

وأما بالنسبة لأنظمة الحكم في العالم الإسلامي فقد انقسمت(ظاهريا) إلى أنظمة تدور في فلك السياسة الأمريكية بشكل واضح وأخرى تدور ظاهريا في فلك السياسة السوفييتة وتدور في فلك السياسة الأمريكية(من خلف الستار) كالنظام النصيري في الشام وهذه الأنظمة تميزت بعدائها السافر لدين الله

إما النوع الأول من الأنظمة وهي الممالك الوراثية فقد سعت لأخذ شرعية دينية فتظاهرت بتطببق بعض أحكام الشريعة كما تظاهرت باحترام دين الأمة وبذلك خدعت قطاعا واسعا من أبناء الأمة وبذلك تجنبت الصدام المباشر مع الإسلاميين وكان لهذا الأمر تأثيره على الجهاد الأفغاني ضد الروس في ثمانينيات القرن الماضي وهذا ماسنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله



2021-01-26

كاتب من بيت المقدس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق