الجمعة، 1 أبريل 2011

لن تقوم ثورة في العراق حتى يطير الجمل


ربيع الثورات العربية قد بدأ ولن يتوقف ان شاء الله تعالى الا بكنس كل هذه القاذورات التي علقت بجسم هذه الامة منذ قرون طويلة. هذه القاذورات التي اوصلت امتنا الى الحضيض بل اشد تعاسةً من ذلك. هؤلاء اللصوص عبيد الغرب عاثوا في الارض فساداً قل نظيره. بدأت شرارة الثورة في تونس الحبيبة التي فجرها ذلك الشاب محمد البوعزيزي رحمه الله و تجاوز عن سيئاته و امتدت الى ارض الكنانة ام العرب مصر الأبية لِترمي بمبارك و جلاوزته الى مزبلة التاريخ. ثم عادت رياح الحرية لتعرج على ليبيا و كأنها نسيت او اجلت إزاحة مجرم ليبيا بعد إزاحة مجرم مصر.
و تستمر رياح التغيير لتجوب في أنحاء الوطن العربي من بلدٍ الى آخر لتصل الى اليمن و سوريا و هناك تململ في اغلب الدول العربية. أنا اجزم هنا بان هذا العام هو عام الثورات العربية بإذن الله تعالى و سوف نرى رؤوس كثيرة ستتدرج و عروش فاسدة كثيرة سوف تُهدم فوق رؤوسٌ عفنة.
و لكن ماذا عن العراق و هو البلد العربي الذي يعاني مئات الأضعاف اكثر مما يعانيه اي شعب عربي آخر فهل سيثور هو الاخر ام ان رياح التغيير تأبى ان تصل الى هناك؟
العراقيين كغيرهم من العرب يتأثرون بما يحدث في الوطن العربي لذلك خرج العراقيين في عدة محافظات مُطالبين بتحسين الأوضاع المزرية هناك. و قد بدأ بعض العراقيين من الكُتاب الشرفاء ان يصوغوا المقالة تلو الاخرى مُبشريين بثورة العراقيين التي بدأت و لن تتوقف قبل ان يحدثوا تغييراً جذرياً في العراق. لم اكن لحظة واحدة مُتفائل بهذه الثورة و كنت اعلم يقيناً بانها فرقعة سوف تزول اسرع مما نتوقع. و اقول للأخوة الذين تغنوا بهذه (الثورة) و الذين كتبوا المقالات و الفوا القصائد من اجل ذلك اقول لهم لا تبنوا قصوراً على الرمل فلن تقوم ثورة في العراق حتى يطير الجمل!
عندما اكتب فإنني أضع عواطفي جانباً و أحاول ان أُفكر بعمق بعيداً عن الأحلام و لذلك توصلت الى هذا الاستنتاج قبل ان تبدأ المظاهرات في العراق و ذلك للأسباب التالية:
لم يكن الشعب العراقي في يوم من الايام موحداً على الاطلاق منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة الى يومنا هذا بل من اكثر الاشياء التي ميزت هذا الشعب هو الانقسام على نفسه و ذلك لانه يتكون من أعراق و ديانات و مذاهب مختلفة. فهناك العرب السنة و الشيعة و الأكراد اضافة الى التركمان و غيرهم من الأقليات الصغيرة مما يجعل توحيد هذه المكونات ضرب من المستحيل. هذه المكونات الثلاث الرئيسية في العراق لكلٍ منها أجندتها و ميولها و أهدافها الخاصة بها و الأدهى من ذلك ان اهداف تلك المكونات الثلاث هي ضد بعضها البعض و على حساب بعضها البعض.
لم يأتي هذا التشرذم و تلك المتناقضات بين المكونات الثلاث من فراغ. فقد سعت اغلب الحكومات التي تعاقبت على العراق منذ تاسيسه في بداية القرن الماضي الى يومنا هذا سعت الى اللعب على هذا الوتر من اجل ضمان السيطرة و الولاء لها مما أدى الى اتساع الشرخ الذي هو موجود اصلاً بين تلك المكونات المذكورة آنفاً.
لقد رأينا ذلك جلياً في جميع الاحداث التي مر بها هذا البلد و لكي لا ادخل في سرد تاريخي للأحداث فإنني سوف اكتفي بما حدث و يحدث منذ احتلال العراق الى الان. هذه المكونات الثلاث لحد الان لم تتفق على شئ يُذكر منذ 2003 و لن تتفق. و من سخرية القدر ان هذه المكونات الاجتماعية اختلفت حتي في المسميات من بعد الاحتلال فمثلاً الكردي يسمي ما حدث في عام 2003 بحرب الاستقلال و يسميها الشيعة بحرب التحرير و السنة يطلقون عليها اسم احتلال العراق. إذن لم يستطيعوا الاتفاق على ابسط الاشياء فكيف سيتفقون لأكبر من ذلك؟
شعبٌ قدم اكثر من مليون ضحية خلال سنوات الاحتلال الثمان و لم يحرك ساكناً فكيف نتجرأ ان نحلم بان هذا الشعب سوف يثور ضد ما هو اقل بكثير من المليون ضحية الا و هو الفساد الذي كان شعار المتظاهرين.
شعب أُغتصب رجاله قبل نسائه و لم يثور او يفعل شئ يُذكر كيف نتوقع منه ان يثور بسبب نقص الكهرباء او الماء او بسبب لصوصية الحكومة؟
شعبٌ يقتل الجار جاره ليس لشئ الا لانه سنياً او شيعياً او كردياً هذا الشعب لا يمكن ان يتوحد مع بعضهم البعض و لكن يأكل بعضه بعضاً.
شعبٌ نصفه تسوقه فتاوى انسان خرف كما يسوق الراعي غنمه هذا شعب لا امل فيه. شعب نصفه يؤمن بخرافات و خزعبلات لم تؤمن بها البشرية قبل ألفي عام من الان هذا شعب لن تقوم له قائمة.
شعب يقتل خيرة شبابه او يسلمهم الى المحتل ليقتلهم ليس لشئٍ الا لانهم حاولوا مقاومة هذا المحتل هذا شعبٌ فقد بوصلته منذ زمن بعيد.
لكل هذه الأسباب و غيرها فإنني اقول جازماً بان هكذا شعب لا يمكنه ان يثور او يغير شئ. لذلك أنا اود ان ارسل برسالة الى لصوص و مجرمي المنطقة الخضراء بان يطمإنوا فلن يزعجهم احد.

اشرف المعاضيدي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق