الأحد، 6 مارس 2016


كيري والخطة  ب


احمد طه
بالأمس - 23 / 2 / 2016 - صرح وزير خارجية أمريكا "جون كيري" أنه في حال فشل مفاوضات سوريا السياسية، فإنه "يحذر" من أن سوريا لن تعود موحدة، وأن "خيار التقسيم" سيكون هو الحل الوحيد أو الخطة البديلة
ويعتبر هذا التصريح هو أول تصريح لمسؤول أمريكي يتحدث فيه - بهذه الصورة - عن تقسيم سوريا، وقد أراد من ذلك: (1) التمهيد للموضوع، (2) بيانه أنه حريص على أن تكون سوريا "موحدة علمانية ديمقراطية". (3) أنه "يحذر" من هذا الخيار الذي سيكون هو آخر دواء.. حرصاً على مصلحة الشعب السوري
وإنه لمكر تكاد تزول منه الجبال، وصناعة احترافية للدجل والكذب.. فإن الخطة الوحيدة لدى أمريكا هي "تقسيم سوريا وغيرها" وهي تضطر الجميع الآن إلى الترحيب والمناداة بقرار التقسيم
ولو أن الأمة فقط تتابع ما يُنشر في إعلام الغرب، ومراكز أبحاثه.. لوجدت كل شيء على المكشوف بلا حياء. فإن "روبن رايت" المحللة بوزارة الخارجية الأمريكية صاحبة مقال: "5 دول سيصبحون 14 دولة" منشور على النيويورك تايمز في 2013، والتمهيد للتقسيم هو مخطط قديم، تعلمه كافة أجهزة الاستخبارات. وبعض الخراف العربية الخائنة التي لا تملك إلا أن تكون مطية، بل وتتلذذ بهذا الدور
إن تقسيم سوريا بات حقيقة تمارسه الأكراد والنظام صاحب "سوريا المفيدة" على وجه الخصوص، وقد رهنوا موضوع التقسيم بنجاح المفاوضات السياسية، ووقف إطلاق النار.. وهذا شيء مستحيل، وهم يعرفون أنه مستحيل، فكيف لمثل بشار وهو قاتل 370 ألف نفس، ودمر كل سوريا إلا دمشق وما حولها، أن تكون معه مفاوضات؟!! بل اضطر الشيطان الأمريكي المعارضة إلى جعل القضية في شخص "بشار" أيبقى أم يرحل ؟ كأن بشار هذا هو الذي مارس القتل بنفسه، وكأنه هو كل النظام ؟!
إن تقسيم سوريا - حسب المخطط - هو أن تكون هناك دولة علوية على الساحل السوري، ودولة كردية على طول الحدود مع تركيا، ودولة سنية تلحق بالبقية السنية من غرب العراق، وربما دولة درزية في حال إذا رغبت إسرائيل، وأرادت طلب إضافي على قائمة طعام وقصعة بلاد المسلمين
والدولة العلوية ستكون حامية لساحل المتوسط، ومانعة لأن يكون للسنة أي نفوذ عليه، والدولة الكردية ستعزل تركيا عن محيطها العربي، وستضعف أمنها القومي من جنوبها، كما هو ضعيف من شمالها تجاه دول أوروبا الشرقية، وهذه الدولة ستكون رغم أنف تركيا، وستكون ضربة لسياستها، فلقد كان البعض يظن أن تركيا استطاعت الاستقلال، وملكت - ولو شيء - من أمنها وقرارها، وليست هي كمثل الخونة والمخنثين من حكام العرب، ولكنها اعتبرت أمريكا حليفاً، ولكن ليس لأمريكا حلفاء.. إنما مجرد مجموعة من المغفلين.. تركبهم أمريكا إلى حين، ثم تلقي بهم إلى أقرب مزبلة، مع ابتسامة "الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان"
ولكنها ستجد دولة كردية على طول حدودها الجنوبية، ويستحيل أن يحدث تقسيم سوريا دون أن يكون للأكراد دولة.. وهذه الدولة ستلحق بإقليم كردستان العراق لتُكوّن الدولة الكردية من شمال العراق إلى شمال سوريا مع إلغاء الحدود بين الدولتين
أما الدولة السنية: فستكون من شرق سوريا مع غرب العراق، وستكون من الناحية "الجيوسياسية" في سجن من جميع الجهات، فمن الشرق الدولة الشيعية، ومن الشمال الدولة الكردية، ومن الغرب الدولة العلوية، ومن الجنوب الدويلة العربية الشمالية - جزء من السعودية - وبذلك لن يكون لها أي منفذ بحري
وإذا وقع التقسيم في سوريا؛ فحتماً سيقع في العراق - بل إن خطة تقسيم العراق بدأ وضعها مع الغزو الأمريكي في 2003 وما قبلها - وفيه: الدولة الشيعة في الشرق، وستكون قوة جيوسياسية لإيران، ودولة كردستان المتكونة من شمال العراق مع شمال سوريا، والدولة السنية مع الحدود السورية
وإذا وقع التقسيم في سوريا والعراق.. فإن باقي المخطط - بطبيعة الحال - سيمضي إلى تقسيم باقي الثلاث دول المتبقية: (ليبيا، اليمن، السعودية).. فأما ليبيا: فستقسم إلى ثلاث دويلات: ولاية برقة في الشرق، وطرابلس في الغرب، وولاية في الجنوب "فيزان"، وهذه رغبة بريطانية وفرنسية وإيطالية. كذلك
واليمن: تعود كما كانت اليمن الجنوبي، واليمن الشمالي.. وترعى الإمارات هذه المفاوضات
وأما السعودية: فهي الحالة المجهولة التي لا نعرف كيف ستكون، وهي صاحبة النصيب الأكبر من التقسيم.. فالمفترض أن تُقسم إلى 5 دويلات: دولة وهابية في الوسط "العاصمة الحالية" ودولة المقدسات "مكة والمدينة" الغرب، ودولة الشرق "معقل الشيعة"، ودولة الجنوب، ودولة شمال.. وأضعفهم هي الدولة الوهابية في الوسط، فهي عبارة عن صحراء.. وربما يهدفون بذلك إلى القضاء على هذا الفكر، وإبقاءه داخل حدود الصحراء، وجعله فكر محلي لا يتجاوز حدوده، ولا يملك الموارد للانتشار مرة ثانية
ومازالت حالة السعودية حالة مجهولة، فالوضع في سوريا والعراق واليمن وليبيا، هو بالفعل مُقسم.. وما يتبقى هو الاجراءات السياسية والدبلوماسية مثل: حق تقرير المصير، الدعوة إلى الفيدرالية والكونفدرالية، ثم الاستفتاء، ثم الانفصال، ثم اعتراف الأمم المتحدة، ثم علم ونشيد وخائن وعميل، وهكذا تقوم الدويلات
أما الحالة السعودية فمنهم من يُرجعها إلى حدوث خلافات في العائلة المالكة، ومنهم من يرجعها إلى خلافات قبلية... إلخ، ولن يعجزوا أن يجدوا الذريعة لذلك، ولن يعجزوا أن يجدوا يد الخائنين الممدودة بتقسيم بلادها، فقد خانت دينها وأمتها من قبل
ولكننا نحسب أن الإدارة الحالية لأمريكا لا تملك الكثير من الوقت لذلك، وإنما هو مجرد التمهيد لتسليم الإدارة الجديدة التي ستكون أكثر حسماً وأقل دبلوماسية، مما يوحي بصعود اليمين ليس في أمريكا وحدها بل في كافة دول أوربا
ولقد كان المصريون من قبل يعتبرون انفصال السودان عن مصر من العار والمستحيل، أو كما قالوا: "من يفرط في السودان كمن يفرط في شرفه" ! وبالفعل تم تقسيم مصر، وفصلها عن السودان وما تمثله لها من أهمية، وتم الفصل باسم "الوحدة العربية" ! ثم تم تقسيم السودان ذاتها إلى شمال وجنوب.. جنوب نصراني موالي للصهاينة ويتحكم في شريان المياه لكل من شمال السودان ومصر
لماذا يحدث ذلك؟ ولماذا تقع الأمة فريسة هكذا ؟ ولماذا تنتقل من تقسيم إلى تفتيت ؟
الجواب: { ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ } والأشد أن الأمة ابتليت بأهل الدجل الديني.. الذين جعلوا من أمراض الأمة شيء مقدس وواجب يجب الحفاظ عليه، والدفاع عنه
ولن تعود حتى تعالج أمراضها، وتقوم من جديد: { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق