الجمعة، 21 يونيو 2019

العرب السُنة وذاكرة السمكة
خرافة الحرب الامريكية ضد ايران              
  


لا يوجد شعب على وجه الأرض يعيش احلام اليقظة كالعرب السُنة. هذا ما نراه في جميع نواحي حياتنا اليومية وأكاد اجزم أنه لا يوجد شعب على وجه الخليقة يمتلك ذاكرة اقصر من ذاكرة العرب السُنة.
يقول الباحثون بأن السمكة تتميز عن غيرها بقصر ذاكرتها التي لا تتجاوز ال 7 ثواني مما يسهل اصطيادها، وحسب قول الباحثين تقترب السمكة من الطُعم  فيسيل لعابها عندما تراه فتحاول ان تلتهمه ولكن في تلك اللحظة "اذا ما حالفها الحظ" فانها تكتشف بانه فخ لها فتهرب مسرعة بعيدا عنه ثم تلتف بشكل دائري و تعود الى نفس النقطة حيث الفخ وبهذا تكون قد مرت ال 7 ثواني الكفيلة بنسيانها ان هذا هو الفخ الذي كادت ان تقع فيه قبل ثوان فيسيل لعابها مرة اخرى وتحاول من جديد التهام الطُعم "واذا ما حالفها الحظ مرة ثانية" فانها  تكتشف بأنه فخ فتهرب بعيداً وتلف
 نفس الدائرة التي سلكتها قبل قليل وتعود الى الطُعم نفسه وتكون ايضاً قد نسيت ذلك الفخ الذي
 كادت ان تقع فيه قبل ثوان قليلة ولكن قصر ذاكرتها لا تسعفها وهكذا الى ان تقع في الفخ في النهاية ويصطادها السماك.
هكذا حالة اغلبية العرب السُنة من محللين الى سياسيين الى صحفيين الى مواطنين عاديين ذلك أن نسبة كبيرة منهم يحملون ذاكرة السمكة ولذلك تتوالى علينا المصائب الواحدة تلو الاخرى دون ان نتعلم او نتذكر او نتعظ من اخطائنا لاننا ببساطة نسينا ما قد حصل لنا منذ فترة وجيزة ومن نفس الجهات.
اليوم يُنظّـر العرب السُنة ويتغنى اغلبهم بان نهاية ايران قادمة لا محال في الايام او الاسابيع او في اسوأ الاحوال في الاشهر القليلة القادمة لان امريكا حزمت امرها وقررت القضاء على ايران من اجل عيون السُنة العرب.
عندما تحاول ان تحاجج احد هؤلاء الحالمين اصحاب ذاكرة السمكة وتسأله على ماذا بنيت فرضيتك هذه بان الحرب ستقع لا محالة يقول لك الم تسمع بتصريحات ترامب؟ الم تسمع تصريحات روحاني؟ الم تسمع تصريحات المسؤول الفلاني اوالفلاني؟ وعندما تقول له هذه تصريحات للاستهلاك الاعلامي ليس الا، يجيبك طيب الم تر حاملة الطائرات الامريكية؟ الم تر ان الاسطول الامريكي قد وصل الخليج العربي؟ الم تلاحظ لغة الحرب المستعملة بين البلدين الان؟ ثم يردف قائلاً وبثقة عالية، لم تكن هناك تصريحات بهذه القوة منذ ان سمعنا بالعداء الامريكي الايراني. ثم يكمل متسائلاً ومستهجناً شكوكك الم تسمع بان الامريكان قد نشروا خمسة الاف من المارينز في العراق والسذاجة تتراقص بين عينيه فرحاً وابتهاجاً بان العم سام سوف يقضي على ايران وشرورها؟وكأن ايران قرية صغيرة يمكن القضاء عليها بخمسة الاف جندي!!
وعندما تسال هؤلاء السُذّج وهل تستطيع امريكا ان تقضي على حكم الملالي بخمسة الاف من المارينز واسطولها الذي يجوب الخليج العربي؟ يجيبك بكل ثقة وعنفوان نعم ويبدأ بتأليف القصص من خياله الحالم بان الامريكان قد اتصلوا بقيادات الجيش العراقي السابق(هذا ان بقي احد منهم على قيد الحياة) واتصلوا ببعض القيادات السنية وشكلوا حكومة طوارئ  والتي ستأخذ دورها في لحظة بدء الحرب على ايران وهلم جرى من القصص الخيالية الساذجة التي لا تصلح سيناريوهاتها حتى لافلام الرسوم المتحركة للاطفال توم وجيري وما شابه ذلك.
هنا اود اجراء مقارنة سريعة بين ما حدث في حرب الخليج الاولى على العراق وما يحدث الان واود ان تصل رسالتي هذه الى اصحاب ذاكرة السمكة عساهم أن يتعظوا ويتركوا السذاجة جانباً ويستبدلوا ذاكرة السمكة بذاكرتهم التي وهبهم الله تعالى اياها، فإن الامم لا تُبنى بالاحلام الوردية ولا بالسذاجة وأن اصحاب الذاكرة القصيرة لن يبنوا قُناً للدجاج فكيف لهم أن يبنوا أمماً؟
كلنا يعلم ماذا فعلت امريكا عندما اتخذت قرار ذبح العراق،فإنها قبل ان ترسل أي جندي الى المنطقة فرضت حصاراً عالميا لم تشهد له البشرية مثيلا وخنقته من عنقه ثم قامت بشيطنته اعلامياً بصورة لم يعرف التاريخ مثيلا لها من خلال الاعلام المرئي والمقروء والمسموع ومن خلال الايعاز لجميع ادواتها  في امريكا والغرب المسماة زوراً وبهتانا بالمنظمات الاهلية و غير الاهلية بكشف ملفات حقوق الانسان وحقوق الحيوان كمنظمة الامم المتحدة ومجلس الامن واليونيسكو والسلم العالمي وحتى منظمات البيئة وغيرها من المنظمات التي في حقيقتها ليست الا منظمات امريكية
 تجسسية وعصا بيد امريكا تستعملها في تركيع واستعباد شعوب الارض بحيث لا تكاد تخلو صحيفة واحدة او نشرةٌ اخبارية من خبر سيء عن العراق. فهل فعلت امريكا هذا ضد ايران؟؟

قامت بعدها بتهويل وتضخيم قوة العراق وجيشه "الجرارالذي لا يُقهر" وترسانة الاسلحة التي يمتلكها حينها حيث انني لن انسى ابدا ذلك اليوم عندما قرأت في احدى الصحف الغربية التي كتبت بان الجيش العراقي من حيث العدة والعدد يُعتبر الجيش الرابع في العالم في مقارنة اجرتها الصحيفة مع الجيش الامريكي!! يا للهول الجيش الرابع في العالم!!! ولك ان تتخيل كمية الكذب والتهويل والتضليل، بلد ينتمي الى العالم الثالث المتخلف لا يصنع مسدساً بخبراته الوطنية الخالصة ياتي جيشه في المرتبة الرابعة في العدد والعدة!! 
كل ذلك من اجل حشد العالم باجمعه خلف امريكا لذبح هذا البعبع العراقي. ولن انسى ذلك اليوم الذي نشرت فيه صحيفة غربية اخرى بان العراق بقوته  وصواريخه عابرة القارات قادر على تدمير مدن اوروبية باكملها في اسبانيا وغيرها!! فهل فعلت امريكا هذا مع ايران؟؟
ستة اشهر او ما يزيد قبل ارسال جندي امريكي واحد الى المنطقة كان هذا هو الموضوع الرئيسي للصحف الغربية، والشغل الشاغل لجميع المحللين السياسيين والعسكريين بلا استثناء في الاعلام الغربي وكل ذلك من اجل شيطنة العراق والنفخ في قوته المزعومة لكي تُهئ الرأي العالمي على القبول بذبح العراق بل ويصبح مطلباً عالمياً. فهل فعلت امريكا هذا الشئ مع ايران؟؟
بالتوازي مع ما ذكرته قامت أميركا بحشد وتجييش العالم ضد العراق ذلك المارد الذي سيبتلع العالم اذا لم يتداركوا الامر بسرعة ولم تكتف بالتاييد العالمي ولكنها بترغيبها وترهيبها جمعت 32 جيشاً مع جيشها لمحاربة ذلك الغول القابع في العراق وقد استطاعت ان تجمع اكثر من نصف مليون جندي واسلحة فتاكة تكفي لفناء الارض عشر مرات وجميع اسطولاتها واسطولات حلفائها تجوب في الخليج العربي تربصا بذاك العدو الرهيب، كيف لا وقد اقنعوا العالم بانه الجيش الرابع في العالم عدةً وعدداً. فهل فعلت  اميريكا هذا الشئ مع ايران؟
في هذا الوقت قامت اميريكا بالايعاز (بالترغيب والترهيب)الى جميع دول العالم بسحب سفاراتها وجميع
 دبلوماسييها من العراق وكاد العراق في وقتها أن يكون خاليا من اي تمثيل دبلوماسي يُذكر. فهل فعلت اميريكا هذا مع ايران وكم هو عدد السفارات التي اغلقت ابوابها في طهران يا اصحاب ذاكرة السمكة؟؟
كل ذلك وغيره الكثير الكثير مما فعلته اميريكا عندما قررت الحرب على العراق فهل فعلت امريكا واحدا بالمئة من هذا ضد ايران الذي يزعم اصحاب ذاكرة السمكة بان امريكا عازمة هذه المرة القضاء على حكم الملالي فيها؟
لا نعتب على السمكة ولا نحاسبها على ذاكرتها القصيرة لان الله تعالى خلقها لحكمة له بهذه
 الصورة ولكن عتبنا على الذي خلقه الله تعالى بذاكرة الانسان ويأبى إلا ان يتشبّه بالسمكة من حيث الذاكرة.
لا أود الدخول في التصريحات الفضفاضة التي يطلقها ترامب على تويتر فهي أسخف من أن تصدر من رئيس دولة يفترض انها على ابواب حرب مع ذلك البلد "ايران" وهي أسخف من أن يُرد عليها ولا اعتقد أن هناك عاقل يحملها على محمل الجد
بطبيعة الحال لا يستطيع احد انكار أن هناك خلافات امريكية ايرانية ولكنها لا تعدو كونها خلافات بين اللصوص على الغنائم، والغنائم هم نحن العرب السّنة وبلداننا ومصائرنا
العلاقات بين ايران والغرب هي علاقات تخادمية وتقاطع اهداف وما يربطهما اكبر بكثير مما يفرقهما وهو العدو المشترك لكلا الطرفين وهم العرب السُنّة وان كان لا بد من عمل عسكري فانه لن يتجاوز حد الضربة المحدودة جداً ولا يتعدى قرص أُذن ايران لاعادتها الى الحضيرة والى المسار الذي رسمه الغرب لها لكي تستمر بلعب الدور المناط بها والذي هو في غاية الاهمية لكلا الطرفين واكاد اجزم انه دور مصيري لكلاهما ولن يجازف احدهما بالعبث بمصيريهما مهما حدث من خلاف.


اشرف المعاضيدي
2019-06-21

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق