الاثنين، 26 يوليو 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين

حقائق غائبة 

الفصل الثاني والعشرون
الجزء الأول
الغزو الصليبي لأفغانستان

وهكذا بدأ الغزو الصليبي لأفغانستان يوم السابع من شهر تشرين الأول عام ٢٠٠١ كما ذكرنا سابقا حيث نجح الأمريكيون بتشكيل تحالف يضم أربعين دولة وفي مقدمتهم أعضاء حلف شمال الأطلسي الذي ينص ميثاقه على مشاركة جميع أعضائه بالدفاع عن أي عضويتعرض لاعتداء خارجي

وقبل الحديث عن ذلك الغزو لابد لنا أن نشير إلى الحرب النفسية التي مارسها الأمريكيون في تلك الأثناء حيث لم تتوقف التهديدات بالحرب والقبض على الفاعلين ومن يأويهم وتقديمهم للمحاكمة فكان رد الملا عمر محمد(رحمه الله) إن الأمريكيين يستطيعون بدء الحرب ولكنهم لايملكون وقفها إنما سيجبرهم الأفغان على وقف الحرب والخروج من أفغانستان

وعندما بدأ الأمريكيون غاراتهم على أفغانستان قال الملا عمر محمد(رحمه الله) كلمته التي سيسجلها التاريخ إن الله سبحانه وتعالى وعدنا بالنصر ووعدنا بوش بالهزيمة ونحن نثق بوعد الله ولا نثق بوعد بوش وهذا ماحصل بعد ذلك كما سنرى لاحقا إن شاء الله

ثمة أمر آخر  لابد من الإشارة إليه وهو تحذير الكثيرين للإدارة الأمريكية من خطورة الوقوع في المستنقع الأفغاني حيث كانت أفغانستان عبر التاريخ مقبرة الغزاة وهذه من الحقائق الثابتة. ومن بين الذين حذروا الأمريكيين بعض كبار العسكريين الروس الذين شاركوا في الغزو الروسي في ثمانينيات القرن الماضي حتى أن بعضهم قال إن حرب فيتنام ستكون بمثابة نزهة مقارنة بما سيواجه الأمريكيين في أفغانستان حتى أن بعض المفكرين الأمريكيين وصف تأييد بعض الدول للأمريكيين بالنفاق السياسي الذي يهدف لجر الأمريكان إلى المستنقع الأفغاني فتفقد بذلك أمريكا هيبتها وسطوتها لكن الأمريكيين لم يكترثوا لكل ذلك للأسباب التي ذكرناها سابقا

ومهما يكن من أمر فسنتحدث عن هذا الموضوع بصورة مجملة مع التركيز على الحقائق المغيبة لأسباب سنذكرها في الخاتمة إن شاء الله

لقد فتحت كل الدول المحيطة بأفغانستان أجواءها للطائرات الأمريكية التي انطلقت من قاعدة أنجرليك التركية وكذلك من بلدان الجزيرة العربية وحاملات الطائرات في المحيط الهندي والخليج العربي لتعبر الأجواء الباكستانية والإيرانية فتلقي بحممها على الأراضي الأفغانية بصورة جنونية تعبر عن اللؤم والتجبر فقتل نتيجة ذلك آلاف الأطفال والنساء والشيوخ ولم يلتفت الأمريكيون لأي اعتبار فقصفوا كل مكان بما في ذلك العديد من المساجد أثناء أداء الصلوات بحجة وجود بعض قادة طالبان أوالقاعدة بين المصلين وكمثال على ذلك تدمير أحد المساجد في ولاية بكتيا أثناء أداء المسلمين صلاة التراويح بهدف قتل الملا جلال الدين حقاني (رحمه الله) والذي لم يكن موجودا حينها وبالطبع فإن مثل هذه العمليات كانت تتم بارشاد من الخونة الذين كانوا يلقون الشرائح الألكترونية التي توجه الطائرات الأمريكية إلى الأماكن المستهدفة ونتج عن ذلك نزوح مئات الآلاف من ديارهم إلى باكستان وإيران اللتان أغلقتا حدودهما في وجوههم كما مات الكثيرون نتيجة الجوع والمرض والبرد وقد أدانت بعض المنظمات الدولية تلك الجرائم وبالطبع لا تأثير لتلك الإدانات لما يجري على الأرض

لم يكتف الأمريكان بالغارات الجوية واستخدام الصواريخ بعيدة المدى بل أرسلوا وحدات عسكرية من القوات الخاصة والتي بدأت عملها بالتنسيق مع تحالف الشمال كما قاموا بالأعمال الاستخبارية بهدف شق صفوف حركة طالبان واستمالة بعض القبائل الأفغانية للعمل معهم ضد حكومة طالبان وبالطبع كان هذا العمل يتم بالتعاون مع المخابرات الباكستانية ومخابرات الدول العربية التي ساهمت في الحرب ضد الإتحاد السوفييتي في ثمانينيات القرن الماضي(بايعاز من الأمريكيين كما أسلفنا) وهنا لابد لنا من التوقف قليلا للحديث عن مواقف مختلف الأطراف في  افغانستان من الغزو الصليبي لبلادهم

فتحالف الشمال رحبوا بذلك الغزو حيث وجدوا فيه فرصتهم المناسبة لازاحة حكومة طالبان وبالتالي العودة إلى كابل بعد أن فشلوا فيما مضى رغم كل الدعم الذي تلقوه من مختلف الدول كما أسلفنا وقد أصر زعماؤهم على ذلك الموقف رغم مطالبة العديد من الزعامات الأفغانية بتناسي الخلافات الجانبية والتوحد لمواجهة الغزو الصليبي وكان من الذين طالبوا بذلك زعيم الحزب الإسلامي غلب الدين حكمتيار الذي كان موجودا في أيران حينها لكن جماعة التحالف لم يكترثوا بتلك الدعوات بل راحوا ينسقون مع الغزاة فسقطوا مرة أخرى بل وقعوا في أحد نواقض الإسلام عندما أعانوا الكفار على إخوانهم في العقيدة وبالطبع فنحن  لانتحدث هنا عن فلول الشيوعيين كعبد الرشيد دوستم والعلمانيين والرافضة الذين انخرطوا في ذلك التحالف فهم خارج الملة  ولكننا نعني المحسوبين على الإسلاميين وبالتحديد عبد رب الرسول سياف وبرهان الدين رباني وهما عضوان في التنظيم العالمي للإخوان المسلمين و بالطبع لم يصدر عن تلك الجماعة أية إدانة لذلك العمل الشنيع بل التزمت تلك الجماعة الصمت التام على تلك الخيانة(ماعدا مواقف بعض المحسوبين على الجماعة الذين أدانوا تلك الخيانة) بل إن مجلة رسالة الاخوان قد أثنت على سياف ورباني فيما بعد عندما حصدوا بعض الأصوات في الانتخابات الهزلية في أفغانستان بعد عدة سنوات من العزو الصليبي في وقت كان المسلمون منشغلون بقضية الأخت وفاء قسطنطين في مصر التي هداها الله إلى الإسلام واختطفتها الكنيسة القبطية هي وأخواتها فيما بعد ولم تتعرض تلك الجماعة للحديث عن هذه القضية حتى ولو من باب التلميح وهذا قرأته في تلك النشرة والتي كانت تصلني في تلك الأثناء

وأما حكمتيار فقد وقف ضد ذلك الغزو منذ اللحظة الأولى بل ذهب لأبعد من ذلك عندما سلم مجاهدي طالبان مستودعات الأسلحة التي يحتفظ بها حزبه داخل أفغانستان وكان بين تلك الأسلحة ١٢ صاروخا أمريكيا مضادا للطائرات من طراز ستيلنجر وقد أثنى الملا عمر محمد على ذلك الموقف المشرف في بيان أصدره في تلك الأثناء  وصف فيه حكمتيار بالمجاهد الكبير

وهكذا كانت أحداث الحادي عشر من أيلول بداية التمحيص داخل الصف الإسلامي  والتي توالت فصولها فيما بعد

أما حركة طالبان فقد بايع مجاهدوها الملا عمر على الجهاد حتى النصر أو الشهادة

أما كيف جرت المعارك داخل أفغانستان فهذا ماسنتحدث عنه في الفصول القادمة إن شاء الله



2021-07-26
كاتب من بيت المقدس


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق