الأحد، 22 نوفمبر 2015


اسرار الفلوجة واسوار نورنبيرغ
من هو الارهابي؟
د. محمد الدراجي

قبل البدء بسرد أهم الاحداث التي جاء ذكرها في الكتاب، فلا بد أن أذكّر اولا بالأهداف من نشر هذه الدراسة الموثقة بمختلف المصادر التي تجاوزت ال 700 مصدر، وكالاتي:
   1تقديم الحجة والادلة على ان مفهوم ارهاب الدول المعاصرة (الحديثة) كان موجودا وموجهاً ضد العراق والعراقيين اثناء فترة الاحتلال عبر تقديم امثلة جرائم الحرب والإبادة التي حصلت في مدينة الفلوجة العراقية. على الرغم من ان جريمة قتل مئات الالاف من العراقيين بسبب الجوع والامراض اثناء فترة الحصار الاجرامي ١٩٩١-٢٠٠٣ كان قد اعتبر ايضا جريمة دولية كبرى دفعت العديد من كبار موظفي الامم المتحدة الى الاستقالة لرفضهم استمرار هذه الجريمة.
 2- ان كثرة الدراسات العسكرية والسياسية الامريكية قد بينت اغلبها وجهة نظرهم المحملة بالكثير من تزييف الدوافع بينما فضحت السنتهم العديد من جرائمهم عبر ما ذكروه من وقائع. يقابلها في الجانب الاخر عدد نادر جدا من الدراسات والبحوث التي تبين وجهة نظر ضحاياهم ومعاناتهم. وهذا هو ابسط حق مشروع يجب ان يمارسه الضحية في التعبير لإيصال صوته ومطالبه العادلة.
 3- توضيح دور بعض الجهات المحلية والدولية الفاعلة في تلك الاحداث, مع الادلة التي تدعم ضرورة التحقيق الدولي المستقل والساعي لنصرة الضحايا وتحقيق العدالة الانتقالية المفقودة. هذه العدالة الانتقالية التي تعتبر بانها المؤسس الحقيقي التي يبنى عليه السلام والامن الدائمين. ولهذا سيكون امام الجهات الدولية المسؤولة في الامم المتحدة مسؤولية البدء في التحقيق بما جاء في الكتاب من جرائم حرب وانتهاكات فاضحة لحقوق الانسان. والا فإنها ستؤكد بان الفساد الاداري والتستر على هذه الجرائم قد وصل الى قمة هرم اتخاذ القرار داخل هذه المنظمة الدولية، وهو ما سيمثل كارثة في العلاقات الدولية.
4- اتمنى ان تكون الاسئلة التي ستتولد من الاحداث المذكورة في الكتاب عامل مساعد في الدفع الى مزيد من البحوث والدراسات ليس فقط حول الانتهاكات في المناطق المذكورة, بل تشجيع الاخرين في محافظات العراق الاخرى وتوفير دعم اكبر لهم. خصوصا في اختيار المعايير العادلة في تحديد الارهاب الدولي والتحديات المسيطرة على هذا النهج وما يفترض ان تتخذه الدول وفقاً لقواعد القانون الدولي وليس الاجندات السياسية الخاصة التي تخدم مصلحة بعض الجهات السياسية بعيداً عن مصلحة شعوبهم. فقد اثبتت الاحداث ان ما يسمى بالاقتتال الطائفي هو صنيعة للعبة سياسية قذرة كان المقصود منها تقسيم العراق طائفياً وفقاً لقاعدة فرق تسد. بالإضافة الى ان الازمة الاقتصادية التي عصفت بالشعوب الغربية الان قد اثبتت بانهم كانوا ايضا الضحية وادخلوا في حروب تدخل في مصلحة الشركات الداعمة للحرب.
 5- اثبات اوجه الشبه بين العقلية النازية التي سيطرت على العالم والتي سببت كارثة الحرب العالمية الثانية, وتشابهها مع ارهاب الدولة المعاصرة الذي قادته حكومتي بوش وبلير قبل وبعد شن الحرب العدوانية على العراق, مما يوجب ضرورة دولية خاصة حول الجرائم والانتهاكات الخطيرة المرتكبة ضد الشعب العراقي وايجاد اتفاقيات دولية جديدة تغطي الثغرات الموجودة الان في النظام القضائي الدولي من اجل منع الوصول الى حروب ومأسي جديدة تنشر شريعة الغاب.

الكتاب أعتمد المنهج العلمي المبني على الحقائق والادلة الدامغة من مصادر غربية والخالية من الاستنتاج او التخمين والبعيد عن العاطفة, ليكون البحث علميا بحتا ويكون مرجعا معتمدا ليس فقط للباحثين بل حتى للضحايا في فتح ملفات الجرائم المذكورة في الكتاب. فقط للتذكير فان الجهة المستهدفة من معلومات الكتاب هي الشعوب الغربية وخاصة الامريكية والبريطانية، وما نشرنا للنسخة العربية الا لتكون لدى أهلنا كامل المعلومات التي يسرها الله لنا، وحتى يعرفوا من تاجر بهم ومن منع حقوقهم وكيف يجب ان يستمروا بعد ذلك.
الفصل الاول خصصته حول التشابه الكبير في العقلية التي قادت احتلال العراق مع العقلية النازية التي دمرت العالم وقادته لحرب عالمية ثانية. حيث تناولت الادلة العلمية الرصينة التي تفند الادعاءات الكاذبة حول علاقة العراق مع تنظيم القاعدة او تفجيرات نيويورك، أو أكاذيب امتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، مع توضيح كيفية أصدرا مجلس الامن الدولي لقرارات تؤكد حالة الاحتلال بينما يخالف بعضها اسس القانون الدولي رغم وجود الاحتلال بعدم معاقبته. كما ويناقش الفصل حول عدم وجود أسس حقيقية وقانونية للاحتلال تحت مبررات انسانية، مع تناول بعض جرائم وكوارث الحصار الغير انساني ضد العراق وأثاره المدمرة على الحياة العراقية. ويختتم الفصل بأدلة واقعية حول نسب الضحايا العراقيين تبعا لمصادر دولية مختلفة.
وقبل الحديث عن جرائم الاحتلال في الفلوجة، خصصت الفصل الثاني ليعرف الجمهور القارئ حول تاريخ الفلوجة حديثا وقديما، وخصوصا تاريخها مع الاحتلال الاجنبي القديم بعد الحرب العالمية الثانية والاحتلال الحديث بعد مجئ قوات الغزو الامريكي البريطاني. كما يتناول الفصل طبيعة التضامن الدولي الذي نشأ مع قضية الفلوجة لتصبح قضية عالمية ومثالا للمقاومة الشعبية ضد الاحتلال.
الفصل الثالث يتناول أولى جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الامريكية في الفلوجة والتي اشعلت شرارة المقاومة الشعبية ضدهم والاخطاء التي قادتهم لارتكاب تلك الجرائم. وهما الجريمة المعروفة في قتل المتظاهرين السلميين في الفلوجة، والجريمة المخفية اعلاميا في قتل قوة حماية الفلوجة وشرطتها في أول حادثة ترتكبها مرتزقة الشركات الامنية الخاصة مع القوات الامريكية. الجريمة الاولى أكدتها المصادر الغربية بمختلف الوقائع ووثقتها منظمة الهيومن رايتس ووتش الامريكية. لكن الجريمة الثانية فقد وثقناها من الضحايا مع تقارير رسمية عراقية وأمريكية.
الفصل الرابع يتحدث عن استخدام مرتزقة الشركات الامنية والعسكرية الخاصة وتاريخ بداية استخدامهم في العراق، وما هي أبرز فوائدها للاحتلال وكيفية حصولها على الاثراء السريع من صناعة المرتزقة. كما يتناول الفصل الإحصائيات الرسمية حول اعدادهم وجنسياتهم والدول التي شاركت بتلك الشركات ومنها شركتين مسجلة في إسرائيل. بالإضافة الى الحديث عن أبرز الجرائم التي ارتكبها هؤلاء المقاولين المرتزقة في العراق والفلوجة ايضا، مع اعطاء نبذة عن خطرها دوليا عبر استعراض أبرز جرائمها السابقة.
الفصل الخامس يتحدث عن جرائم الحرب في التعذيب واشكال التعامل الوحشي ضد السجناء في معتقلات قوات الاحتلال الغربي وأثرها على انتقال تلك الاساليب لاحقا الى السجون العراقية لدى الحكومات الطائفية التي تشكلت بعدها. لهذا يتناول الفصل كيفية بدء سياسة التعذيب والاعتقالات الوحشية وتأثيراتها على الضحايا والمجتمع المحلي والدولي. كما ويتناول احدى فضائح السجون المحلية لأول الحكومات العراقية بعد انتقال السلطة الصورية والتي عرفت بفضيحة سجن الجادرية، وأثر العنف الذي استخدم في السجون على نشر ثقافة العنف لاحقا خارج السجون لينشر شريعة الغاب. كما ويشير الفصل الى برنامج التسليم السري الامريكي الذي هو في حقيقته اختطاف الاشخاص من بلدانهم لأغراض اخذ المعلومات منهم بعد تعذيبهم في سجن غوانتانامو وغيره من سجون الولايات المتحدة المنتشرة في قواعدها خارج حدود بلدها
الفصل السادس يتناول المعركة الاولى في الفلوجة وأبرز الحوادث قبل المعركة ودور عناصر شركة بلاك ووتر في حدوثها. وما هي خطوات التهيئة الشعبية قبل المعركة واهمها إطلاق نداء الاستغاثة قبل بدء المعركة للتحذير من جريمة العقاب الشامل ضد المدينة والمدنيين. كما تناولت ابرز الجرائم والانتهاكات الموثقة غربيا خلال المعركة وكيفية ارغام الجانب الامريكي على وقف اطلاق النار من جانب واحد، ومن ثم مطالبتهم الفلوجة للتفاوض والجلوس مع وفدين أثنين لأجل ايجاد طريقة سلمية لإيقاف القتال. وقد ابرزت نتائج مباحثات الفريقين والاشارة الى الخطأ القاتل في تلك المفاوضات والذي منع فرصة الاستقرار الدائم وبداية نهاية الاحتلال في العراق. كما ويركز الفصل على ادلة استخدام السلاح الكيمياوي للفسفور الابيض في المعركة الاولى ايضا. الفصل أشار لأهمية التحليل الامريكي لأسباب هزيمتهم في الفلوجة، وما هو دور القوات البريطانية والبولندية فيها بالإضافة الى أشراك قادة 33 دولة عضوة في التحالف العسكري للاحتلال في تلك المعركة. ثم أختمت الفصل مع بيان أهم الدروس المستخلصة من تلك المعركة الخالدة.
الفصل السابع مهم جدا في شرح وضع مدينة الفلوجة بعد نصر المعركة الاولى وحقيقة نشاط لواء حماية الفلوجة للفترة ما بين المعركتين، وما هي الدسائس التي كانت تحاك ضد المدينة لأجل ايصالها منهكة الى المعركة الثانية التي كان الاحتلال يخطط لها. ولعل أبرز قضية في الفصل تناولت الوساطة الدولية للأمين العام للام المتحدة كوفي عنان بطلب من وفد الفلوجة المفاوض ومحاولته منع المعركة الثانية لإعطاء فرصة الحوار السلمي من اجل تجنب المزيد من الكوارث ضد المدنيين. وهنا تبدأ قصة ارتكاب توني بلير جريمته الثانية في الفلوجة التي تورط معه فيها كلا من اياد علاوي والرئيس دبليو بوش. حيث كذب بلير في مجلس العموم بما يخالف الوقائع التي أيدتها الامم المتحدة من اجل ان يكسب قرار المجلس في نقل خمسة الالاف جندي بريطاني من البصرة ليشاركوا في المجزرة الثانية, لتستكمل بقية الفصول القادمة اركان جريمته الكاملة.
الفصل الثامن يتناول المعركة الثانية في الفلوجة وكيفية التهيئة العسكرية الامريكية وخصوصا جنون الهجمات الجوية, اسباب اختيار توقيت المعركة وما هي خطة المعركة وابرز جرائم الحرب التي رافقتها وكيفية اعادة استخدام الاسلحة الكيمياوية للفسفور الابيض, بالإضافة الى الكشف والتركيز على جريمة استهداف وقتل الشهود لمنع خروج معلومات جرائم الحرب. كما وأشرنا الى ادلة تسجيل افلام دعائية بعد المعركة قادت الى تدمير اوسع للمدينة بسبب استخدام أسلحة مختلفة وقصف بالطائرات اثناء التصوير. كما يتطرق الفصل الى خسائر الطرفين وانعكاسات المعركة محليا ودوليا. وهنا تكون القوات البريطانية بقيادة بلير قد ارتكبت جرائم حرب يتناولها الفصل الثاني عشر بالتفصيل.
الفصل التاسع يتحدث عن نوعية الاسلحة وكمياتها التي استخدمت خلال المعركتين الاولى والثانية في الفلوجة وفقا للمصادر الغربية المختلفة. بالإضافة الى دلائل اخرى حول استخدام السلاح الكيمياوي واحتمالية استخدام اسلحة نووية مصغرة التأثير والتي اكدتها لاحقا نتائج البحوث العلمية المختبرية في الفصل العاشر.
الفصل العاشر يختص بالوضع الصحي والبيئي لمدينة الفلوجة بعد المعركة، وأبرز ما جاء في تقارير الوكالات الدولية ومنها الامم المتحدة بالإضافة الى البحوث العلمية المنشورة من قبل جهات دولية محايدة ومنظمات محلية مختصة مع اعطاء امثلة لمناطق عراقية اخرى مشابهة للتلوث البيئي والصحي في الفلوجة. ويختتم الفصل بالحديث حول كيفية التستر الدولي حول جريمة التلوث البيئي والصحي.
في الفصل الحادي عشر حول فرق الموت والخيار السلفادوري, يتناول الفصل مأزق الاحتلال العسكري وسعيه في تحويل سمعة المقاومة الوطنية المسلحة الى ارهاب وانشاء فرق موت ضد المناطق السنية بالذات, والدور الامريكي والبريطاني والايراني في صنع الارهاب واكمال المخطط عبر مليشيات يقودها الحرس الثوري الايراني والدور البارز لقاسم سليماني قائد فيلق القدس للحرس الثوري الايراني. كما يتناول بداية العنف الطائفي بعد تفجيرات المراقد في سامراء واغلب الادلة على من تورطوا رسميا داخل الجهات الرسمية المحلية والدولية. كما يبين الفصل الدور الامريكي والبريطاني وأبرز اللاعبين وبدايات التعاون الامريكي الايراني في دعم المليشيات الايرانية الولاء في العراق ودور مليشيا حزب الله اللبناني ايضا. ويحتوي الفصل على ادلة التورط الحكومي لقادة المليشيات الرئيسية داخل الحكومات وكيفية دعم الارهاب من قبل حكومات المالكي تحديدا
الفصل الثاني عشر يتطرق الى مسائل قانونية عدة منها، جريمة الحرب العدوانية والاحتلال، التوصيف القانوني لمختلف انتهاكات حقوق الانسان من قبل قوات الاحتلال في الفلوجة وفقا للاتفاقيات الدولية وخصوصا مسألة استخدام الاسلحة المحرمة وجرائم الحرب، مع اعطاء امثلة لقضايا دولية مشابهة. حيث انتهكت بريطانيا اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية باشتراكها في جرائم الحرب للمعركتين وخصوصا الثانية. مع أنتهاكها ايضا لاتفاقية منع استخدام الاسلحة الكيمياوية التي وقعت عليها وادخلتها بقانون ضمن دستورها. ونفس الشيء موجود في الدستور الامريكي مما يبين أمكانية استغلال هاتين النقطتين لفتح ملف الفلوجة في محاكمهما. كما ويتناول الفصل رأي المنظمات الدولية والاتفاقيات المتعلقة بمسألة استخدام المرتزقة في العراق. بالإضافة الى مسألة التعويضات وفقا للقوانين العراقية والدولية وما هي بعض الطرق الممكن الاستفادة منها.
الفصل الثالث عشر يتناول ابرز أثار الاحتلال وتدمير العراق مع بيان موقف مجلس الامن والاخفاقات التي عارضت دوره في حماية الامن والسلام الدوليين، ولهذا تم التطرق الى مسببات فشل المجتمع الدولي وبعثة الامم المتحدة في مساعدة الشعب العراقي وارجاع الامن والاستقرار مع اعطاء امثلة لأسباب فشل كلا من مكتب مفوضية حقوق الانسان، الصليب الاحمر الدولي, منظمة الصحة الدولية, وبرنامج البيئة لللامم المتحدة. كما يختتم الفصل بأهمية تعزيز دور منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية في المرحلة القادمة في ظل بعض النجاح الذي رافق حملات مساندة قضية الفلوجة دوليا وضرورة تعزيزها من قبل الامم المتحدة
الكتاب ليس لصاحبه، بل هو كتاب عن جرح أمة لا زالت تنزف بسبب نفس الاجرام والمجرمين. وهو توثيق تاريخي لفترة زمنية مهمة من تاريخنا المعاصر التي يجب ان تعرفها الاجيال القادمة وتفتخر بها وقد وقف أهلهم ضد أعتى الدول وجيوشها المتقدمة. الدروس المستخلصة من السابق هي مهمة جدا في معالجة بعض كوارثنا اليومية في العراق وسوريا على اقل تقدير. وفي الختام أسال الله العلي القدير رب العرش العظيم، أن يتقبل هذا الجهد خالصا لوجهه الكريم وان يغفر لنا تأخرنا في اصداره رغم انه أخذ أربع سنوات في الجمع والتدقيق والكتابة. وكل الشكر لأهلي وأصدقائي وكل من أنار طريقي بالدعاء لي بظهر الغيب ونصحني بما أخطأت ليحميني ويوفقني لما يحبه الله تعالى ويرضاه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



المؤلف
د. محمد طارق الدراجي
النمسا, 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015ج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق