الاثنين، 22 فبراير 2016

الهجرة العربية الى اوروبا

الحلقة الثامنة و الاخيرة


بحث اكاديمي عن الهجرة العربية الى اوروبا, الاسباب و النتائج

الجزء الثاني
مآﻻت المواجهة مع الغرب وتأثير ذلك على مستقبل المسلمين
 كما ذكرنا سابقا فالمواجهة لم تتوقف لحظة واحدة بين العالم اﻹسلامي والغرب وإن مرت بفترات من الهدنة المؤقتة واليوم نعيش حالة من المواجهة العسكرية كانت قد بدأت منذ حرب الخليج الثانية كما أسلفنا وهذه المواجهة قد ازدادت ضراوتها بمرور الوقت حتى وصلنا إلى الوضع القائم حاليا والذي يمكننا توصيفه بالحرب بالوكالة حيث يتحمل العبء اﻷكبر من تلك الحرب أدوات الغرب عندنا من حكومات فاسدة وأقليات عميلة تؤديان دور رأس الحربة للعالم الغربي أما من جانبنا فتتولى طليعة اﻷمة المجاهدة دور الحربة في تلك المواجهة وهذا موضوع مستقل فيه تفصيل كثير نسأل الله أن يعيننا على التعرض له ببحث مستقل ﻻحقا
 وقد تنبأ الشيخ سفر الحوالي قبل ربع قرن بمجريات اﻷحداث الحالية وقد ذكر ذلك في محاضرة حول هذا الموضوع وكان مما قاله أن أمريكا قد مولت عام 1983مئة وعشرين ندوة عن الصحوة اﻹسلامية وأن العالم الصليبي شرقه وغربه سيتوحد لمواجهة العالم اﻹسلامي الذي ستشهد بلدانه عملية انفتاح نتيجة سقوط اﻷنظمة الشمولية وستنقسم الجماعات اﻹسلامية إلى تيارين التيار "المعتدل" الذي سيتنازل عن الكثير من ثوابت الدين ويقبل بما يقدم له من وزارات ونقابات ليفقد في النهاية قضيته اﻷساسية (أي بتعبير آخر ليتحول إلى تيار علماني يحمل رائحة اﻹسلام) وأما التيار اﻵخر فهو الذي لن يرضى بغير اﻹسلام النقي وستحصل المواجهة بين التيارين وسيدعم الغرب التيار اﻷول ضد التيار اﻷصولي( والذي يسمى في أيامنا هذه باﻹرهاب) فإذا فشل التيار اﻷول في تلك المواجهة هنا يجد الغرب نفسه مضطرا للدخول بالمواجهة المباشرة مع العالم اﻻسلامي الذي سيستفز نتيحة التدخل المباشر من الغرب
 هذا خلاصة ماقاله الشيخ سفر الحوالي قبل ربع قرن وهو مانراه واقعا قائما بصورة مجملة ونحن هنا سنكتفي بالحديث عن ما يتعلق بموضوعنا اﻷصلي وهو مستقبل المسلمين في أوروبا
 نلاحظ أن العالم الغربي يسعى جاهدا ﻷن تظل المواجهة غير معلنة وهو يحرص على أن تتولى أدواته في المنطقة( من أنظمة عميلة ونخب فكرية وسياسية وأقليات دينية وعرقية)المواجهة بالنيابة وستستمر عمليات التضليل والتهويش اﻹعلامي حتى تستمر حالة الضبابية في اﻷمة ويبقى العملاء يتحملون عن الغرب ثمن المواجهة ماديا وبشريا في هذه اﻷثناء لن يتعرض المسلمون في القارة العجوز ﻷية مضايقات على المستوى الرسمي أي من قبل السلطات الحاكمة ولكن ومع استمرار المواجهة وانخراط المزيد من أبناء اﻷمة فيها وعجز اﻷدوات المحلية عن المواجهة هنا قد يضطر الغرب إما للتدخل المباشر كما ذكر الشيخ سفر الحوالي وهو اﻻحتمال اﻷرجح والذي تؤيده الوقائع القائمة حاليا رغم وجود رأي عام ﻻيؤيد التدخل المباشر بسبب ماتعرض له الغربيون من خسائر ثقيلة نتيجة حربي العراق وأفغانستان لكن الواقع يقول أن تلك الحكومات يسهل عليها اختراع اﻷكاذيب وتهيئة الرأي العام للقبول بمثل تلك الخطوات الجنونية كما حدث أثناء غزو العراق عام 2003 وفي هذه الحالة قد تتعرص الجاليات اﻹسلامية في أوروبا وأمريكا لظروف صعبة ومضايقات كثيرة وقد تدخل في المواجهة المباشرة إذا وصلت المواجهة إلى مرحلة كسر العظام ومثل هذه الخطوة ستكون بالنسبة للدول الغربية أشبه باﻻنتحار ﻷن تلك الدول لن تستطيع حسم المعركة مع العالم اﻻسلامي حتى ولو لجأت إلى استعمال القنابل النووية إذ أن الدول الغربية ستخسر جميع مصالحها في العالم اﻹسلامي ولكن وكما يقول الشيخ سفر الحوالي فإن الغرور والشعور بالتفوق قد يدفع القوم ﻻرتكاب مثل تلك الحماقة وقد يتساءل البعض هل سنشهد محاكم تفتيش جديدة على غرار ماحصل في البلقان قبل عقدين من الزمن.إن هذا اﻷمر مستبعد على المستوى الرسمي حيث أنه يعني كما أسلفت انتحارا بالنسبة للدول اﻷوروبية حيث أن اﻷمر يتعلق بعشرات الملايين من البشر الذين يتواجدون في جميع أنحاء البلاد وفي كل مرافق المجتمع  فلا يمكن عزلهم في أماكن محددة والتخلص منهم بعد ذلك بسهولة بل إن اﻻقدام على مثل هذه الخطوة سيؤدي لحروب أهلية داخل بلدان القارة يصعب عليهم تحمل نتائجها
 لكن اﻻحتمال الراجح هو قيام عوام الناس وبتحريض من المنظمات العنصرية بعمليات انتقام من المسلمين ومثل هذه اﻷعمال تقع باستمرار في كل مناسبة تقدم فيها وسائل اﻻعلام معلومات مشوهة عن اﻹسلام والمسلمين ﻷن عوام الناس في أوروبا تتأثر كثيرا بما تبثه وسائل اﻻعلام كما أسلفنا لذلك حرصت وسائل اﻻعلام منذ تسعينات القرن الماضي على الحد من اظهار البرامح التي تسيء للاسلام والمسلمين ﻷن ذلك من شأنه تقوية الشعور بالهوية عند المسلمين الذين يراد لهم أن يظلوا بلا هوية وﻻ قضية وأقول من باب اﻻنصاف إن السلطات في أكثر الدول اﻷوروبية تتعامل مع اﻷعمال العنصرية ضد المسلمين بحيادية ومهنية أي يتم التحقيق في تلك اﻷعمال ويحاسب المسؤولون عنها.أما إذا وقعت المواجهة الشاملة فلن تبقى اﻷمور على هذه الحالة والله أعلم وأما اﻻحتمال الثاني فهو أن يغلب التعقل على قادة الغرب فلا يقدمون على خيار المواجهة وتحصل هدنة بين أمة اﻹسلام والغرب وفي هذه الحالة سيبقى وضع المسلمين في أوروبا على ماهو عليه
 وعلى أية حال فإن السنوات القادمة سوف تشهد أحداثا جسيمة سيترتب عليها إعادة رسم النظام العالمي من جديد وسيكون لتلك اﻷحداث تأثيرها المباشر على مستقبل المسلمين في أوروبا كما أسلفنا والله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق