الأحد، 14 فبراير 2016

الهجرة العربية الى اوروبا

الحلقة السابعة


بحث اكاديمي عن الهجرة العربية الى اوروبا, الاسباب و النتائج

الجزء الثاني
العداء التاريخي بين العالم اﻹسلامي وأوروبا
 وبعيدا عن المجاملات اللفظية فإن الخلاف القائم بين العالم اﻹسلامي والعالم الغربي عميق الجذور وهو  خلاف حضاري يشمل كل مناحي الحياة حيث تقوم الحضارة اﻹسلامية على العبودية المطلقة لله تعالى(قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين).أما الحضارة الغربية فتقوم على تأليه اﻹنسان فاﻻنسان هو كل شيء في تلك الحضارة فهو الذي يشرع ويحكم ويخطط وينفذ لما يرى فيه صلاحه في هذه الحياة وقد  أشار الشاعر اﻻنكليزي روديارد كبلنغ إلى هذه الحقيقة عندما قال الشرق شرق والغرب غرب وﻻ يلتقيان وهذا موضوع واسع ومتشعب ولن ندخل في تفاصيله لذلك نرى أن الصراع القائم بين الحضارتين يمتد عبر التاريخ وتتوارثه اﻷجيال جيلا بعد جيل وهذا ماأشار إليه القرآن الكريم في آيات عديدة منها قوله تعالى(ولن ترضى عنك اليهود وﻻ النصارى حتى تتبع ملتهم )وقوله تعالى(وﻻيزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا).وشواهد التاريخ على استمرار الصراع بين الحضارتين اﻻسلامية واﻻوروبية خير شاهد على ذلك حيث أن الحروب لم تتوقف بيننا وبينهم منذ موقعة مؤتة حتى يومنا هذا
وهذا ﻻيعني أن كل فرد ينتمي لتلك الدول هو عدو لدود لنا فهذا أمر ﻻيقول به عاقل إذ أن الحديث عن العداء بين اﻷمم والحضارات ﻻينسحب على أعيان اﻷشخاص إذ عند الحديث عن اﻷفراد علينا أن نحكم على كل شخص بمفرده وهنا نستطيع تمييز عدة مستويات من اﻷفراد
المستوى اﻷول وهم عامة الناس فهم كعامة الناس في أية أمة فيهم اناس سيئون ومجرمون وهؤﻻء الناس لن نتوقف عندهم كثيرا إذ ﻻقيمة وﻻوزن لهم. وهناك إناس طيبون ﻻيحبون الظلم ويكرهون كل الصفات الدنيئة ولديهم مشاعر طيبة نحو غيرهم من البشر ويكرهون إيذاء اﻵخرين بل إن الكثيرين منهم يكرهون إيذاء حتى الحشرات والحيوانات وهؤﻻء الناس يمثلون قطاعا ﻻبأس به من تلك اﻷمم لكن هؤﻻء الناس يتأثرون بما تقدمه لهم وسائل اﻹعلام من أخبار وتحليلات فهم يتفاعلون مع مختلف القضايا حسب طريقة تعامل وسائل اﻹعلام معها فقد ﻻحظنا تعاطفا كبيرا مع قضية المهاجرين السوريين بسبب طريقة تعامل وسائل اﻹعلام مع هذه القضية كما أسلفنا.وبالطبع ﻻيمكننا الحكم على العلاقة بين العالم اﻹسلامي والعالم الغربي من خلال هذه الشريحة من الناس ﻷن القضية أكبر من هؤﻻء الناس الذين ﻻيمثلون الذاكرة الجماعية ﻷمتهم ويتحركون وفق ما يملى عليهم من كبار القوم وهم خواص الناس وهم الفئه اﻷهم في تلك المجتمعات وينتمي لهذه الفئة كبار رجال الكنيسة والسياسة واﻹعلام والمفكرين والمنظرين وهذه الشريحة من الناس هم من يتحكم برسم السياسة الداخلية والخارخية للبلاد وهم يتحكمون بمناهح التعليم ووسائل اﻹعلام والفن واﻻقتصاد وكل مناحي الحياة وهم من يتحكم بموقف تلك البلدان من قضايا العالم اﻹسلامي فالتاريخ والجغرافيا والدين كل ذلك حاضر في ذاكرتهم بتعبير آخر هم يعرفون تاريخ العلاقة بين بلدانهم وبين أمة اﻹسلام بدءا من معركة مؤتة مرورا بالفتوحات اﻻسلامية والحروب الصليبية وفتح القسطنطينية وانتهاءا بأحداث تاريخنا المعاصر كما أن الجغرافية حاضرة في ذاكرتهم فهم يعرفون تماما حدود اﻻمبراطورية الرومانية التي صارت بلادا إسلامية ويعلمون جيدا أن استانبول كانت عاصمة للامبراطورية  الشرقية فصارت مدينة اسلامية.كما يعرفون جيدا مايقوله القرآن فيهم ويعلمون أن ذلك يمثل عقيدة ثابتة في قلوب وعقول المسلمين كل ذلك وغيره يعلمونه وهو غير خاف عليهم كما ﻻيمكن خداعهم أو تضليلهم  أو تغيير قناعاتهم كما يتوهم بعض السذح من بني جلدتنا وهم يبنون سياسات بلادهم بناء على تلك المعرفة
 ومن اﻻنصاف أن نذكر وجود عدد قليل من المنصفين في هذه الطبقة ممن يعرفون كل الحقائق التي أشرنا إليها ومع ذلك يريدون أن تتصرف بلدانهم بصورة عادلة نحو قضايا المسلمين وهم يعارضون المواقف المجحفة والتصرفات الظالمة الصادرة عن بعض الحكومات الغربية تجاه قضايا المسلمين بل إن بعضهم يقدم تفسيرا منطقيا لتصرفات بعض المسلمين التي تأخذ طابعا مفرطا في العنف كأحداث 11سبتمبر وتفجيرات مدريد عام 2004ولندن في العام التالي وأحداث باريس بداية ونهاية العام الماضي بل إن هؤﻻء الناس يقدمون تفسيرات ويستعملون لغة ﻻيتجرأ أكثر المسلمين على  اسعمالها وخلاصتها  أن تلك اﻷفعال هي ردود فعل على الظلم الذي يتعرض له المسلمون في بلادهم والذي تتحمل الدول الغربية وزره
 هذه هي لمحة مختصرة عن الخلفية الحضارية والتاريخية للصراع بين العالم اﻻسلامي والعالم الغربي ولنعرف مستقبل المسلمين في أوروبا ﻻبد لنا من الحديث بشيء من التفصيل عن مآﻻت المواجهة الحالية بيننا وبينهم بشيء من التفصيل لنصل بعد ذلك للفصل اﻷخير من البحث وهو مستقبل المسلمين في أوروبا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق