الأربعاء، 10 فبراير 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة


الحلقة الحادية عشر الجزء الأول

العوامل الإيجابية المؤثرة على ساحة الجهاد

كما ذكرنا سابقا فإن العالم الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية قد حزم أمره بدعم المقاومة الأفغانية (كما سموها) وذلك حماية لمصالحهم في جزيرة العرب كهدف آني كما كان الأمريكيون يريدون ترقيع هيبتهم بعد هزيمتهم المهينة في فيتنام وكان لديهم رغبة جامحة بهزيمة الاتحاد السوفيتي وتفكيكه وهذا ماحصل فيما بعد أما الصين فكان لديهم رغبة أيضا بهزيمة الروس كما أسلفنا

وأما الأمريكيون فكان لديهم هدف آخر(أفصحوا عنه لاحقا) وهو جعل أفغانستان محرقة لشباب الصحوة الإسلامية لذلك عمل الأمريكان على إطالة أمد الحرب بغية ايقاع أكبر قدر من الخسائر في طرفي الصراع وهذا ماسنفصل الحديث عنه لاحقا إن شاء الله

وكما ذكرنا فقد أوكلت مهمة دعم المجاهدين للدول العربية وباكستان التي تحولت لقاعدة خلفية للجهاد وذلك بحكم مجاورتها لأفغانستان مع وجود تداخل اجتماعي على طرفي الحدود. اضافة إلى ذلك فإن باكستان تعتبر أفغانستان عمقها الاستراتيجي في مواجهة مجوس الهند عدو المسلمين اللدود كما أن باكستان هي البوابة الوحيدة لأفغانستان على العالم كل ذلك أدى لتشابك في المصالح الحيوية لكلا البلدين اضافة للتداخل الاجتماعي على جانبي الحدود

وهناك عامل آخر أكثر أهمية من كل ما سبق وهو إمكانية تهديد الأمن الداخلي لباكستان عند وجود حكومة أفغانية تعادي باكستان حيث توجد عصبيات جاهلية عند بعض البشتون في منطقة الحدود (وهم على أية حال أقلية) وهذا ماحصل في عهد محمد داوود خان الذي استطاع تحريك بعض البشتون ضد حكومة إسلام أباد كما أن أحد الزعماء القوميين للبشتون قد هلك في تلك الفترة ونقلت جثته إلى جلال أباد ليدفن هناك لأنه يعتبر  باكستان دولة احتلال. كل هذه العوامل جعلت القضية الأفغانية مسألة مصيرية بالنسبة لباكستان حكومة وشعبا

 وأما مجوس الهند فلديهم درجة عالية من الخبث والدهاء فكانوا متحالفين مع الروس بسبب عدائهم مع الصين في ذلك الوقت بسبب خلافات حدودية كما أنهم يدورون في فلك السياسة الأمريكية كحال  نظام الهالك عبد الناصر ونظام النصيريين  في الشام لكن الهندوس يتعاملون مع الأمريكان من موقع الندية بعكس أنظمة الحكم العربية التي تتعامل معهم من موقع الدونية أي موقع العبد مع سيده

وعلى أية حال لم يكن الهندوس راضين عن الجهاد الأفغاني بل إنهم قدموا بعض الدعم لنظام كابل العميل للروس ولم يكن باستطاعتهم اشعال الحرب مع باكستان لجدية العالم الغربي ومعه الصين في حربهم مع الروس على الأرض الأفغانية إضافة لما سبق فقد كانت الهند تعاني من اضطرابات داخلية مع طائفة السيخ حيث قام الجيش الهندي بمهاجمة مايسمى "بالمعبد الذهبي" للسيخ وقتلوا عددا كبيرا منهم فرد السيخ باغتيال أنديرا غاندي رئيسة الوزراء في ذلك الوقت ومع ذلك فقد قامت المخابرات الهندية بتدبير بعض التفجيرات في باكستان تمكنت الأجهزة الأمنية الباكستانية من التعامل معها

وأما إيران النفاق فكانت منشغلة في تلك الفترة بالحرب مع العراق ومع ذلك فإنها لم تأل جهدا بالكيد للمسلمين في أفغانستان فأسست عدة مجموعات مسلحة من الشيعة الأفغان الذين كانوا يقومون بقطع طرق الإمداد على المجاهدين ولم يقوموا بأعمال تستحق الذكر ضد الروس أثناء فترة الجهاد وظهر دورهم التخرببي بعد انسحاب الروس كما سنرى لاحقا

على أية حال فقد تلاقت مصلحة المسلمين مع مصلحة العالم الغربي ومعه الصين فوق جبال الهندوكوش ولكل طرف مشروعه

فالعالم الغربي بقيادة أمريكا يريد حماية مصالحه في جزيرة العرب وتحطيم الإتحاد السوفييتي إضافة لتدمير الصحوة الإسلامية. والصين كانت تريد هزيمة الروس للأسباب التي ذكرناها

وأما المجاهدون الأفغان فكانوا يريدون تحرير بلدهم من الاحتلال الروسي واسقاط نظام كابل العميل وتفصيل نظام إسلامي على مقاس بلدهم كبقية فصائل العمل الإسلامي في مختلف البلدان ولم يتحدث أحد من قادة الجهاد (في حدود معرفتي) عن توحيد الأمة الإسلامية وإعادة الخلافة

وأما الحكومات العربية فليس لها أي هدف يستحق الذكر  سوى البقاء في كرسي الحكم وكما يقول المثل الانكليزي إذا لم يكن لديك مشروع فأنت جزء في مشروع الآخرين وهذا هو حال الحكومات العربية التي تنفذ مشاريع الآخرين مقابل البقاء في كرسي الحكم

وأما الشباب المسلم الذين هبوا لمساعدة  اخوانهم الأفغان فبعضهم جاء لهذه الغاية دون التفكير بأية أهداف لاحقة وأما الشيخ عبد الله عزام ومن التف حوله من الشباب المسلم فكان ينظر لأبعد من ذلك حيث كان يرى أفغانستان كبداية لانطلاقة كبرى تعيد للأمة الخلافة الاسلامية أو المنارة المفقودة كما سماها الشيخ عبد الله عزام رحمه الله وسنفرد فصلا كاملا لهذا الموضوع إن شاء الله

وحتى تكتمل الصورة لابد من الحديث عن حالة الاتحاد السوفييتي كأحد العوامل التي كانت في صالح الجهاد الأفغاني



20201-02-10

كاتب من بيت المقدس

هناك تعليق واحد:

  1. أبو أحمد الصفدي19 فبراير 2021 في 1:05 م

    اللهم انصر الإسلام و أعز المسلمين

    ردحذف