الخميس، 18 فبراير 2021

 الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة


الحلقة الثانية عشر الجزء الثاني

كما أسلفنا فقد وصل إلى سدة الحكم عام ١٩٨٥ ميخائيل كورباتشوف والذي كان عليه مواجهة الكثير من المشكلات وكانت حرب أفغانستان أكثرها إلحاحا

لقد أيقن كورباتشوف استحالة الانتصار في تلك الحرب لذلك فكر بالانسحاب من أفغانستان فصدرت عنه التصريحات التي أشرنا إليها سابقا لكنه توسع بالعمليات العسكريه وهذا ما أشار إليه الشيخ عبد الله عزام(رحمه الله) في مقال افتتاحي لمجلة الجهاد  في ذلك العام حيث كان عنوان الافتتاحية الآن حمي الوطيس حيث شن الروس وعملاؤهم هجمات واسعة في عدد كبير من الجبهات مستخدمين كافة الأسلحة وتوسعوا باستخدام الطيران والصواريخ بعيدة المدى واستعملوا لأول مرة قوات الكوماندوس(الوحدات الخاصة) لمهاجمة مواقع المجاهدين في أعالي الجبال لكن تلك الهجمات باءت بالفشل ومني الروس بخسائر فادحة في الأرواح والعتاد هناك لجأ الروس للمكر والخديعة فأعلنوا استعدادهم للانسحاب من أفغانستان وعينوا عميلهم محمد نجيب الله رئيسا للبلاد بدل بابرك كارمال

لقد عمل نجيب الله في السنوات السابقة رئيسا لجهاز المخابرات(خاد)وكان الروس راضين عن أدائه لذلك وجدوه مناسبا لتلك المرحلة التي تميزت بالمؤامرات والدسائس على جميع الأصعدة

بدأ نجيب الله بإطلاق المبادرات التي تهدف لاستمالة الشعب فأعلن عن العفو عمن سماهم"الاخوة الغضاب" يعني المجاهدين والذين كان يسميهم قبل ذلك بالأشرار

كما بدأ بمراسلة بعض زعماء القبائل وحتى بعض قادة الجهاد ومنهم القائد الميداني الملا جلال الدين حقاني(حفظه الله) والذي كان يجيبه في كل مرة بجملة مختصرة(لا نجاة لك إلا بالإسلام) 

كما قام بتغييرات شكلية بدستور الدولة بحيث توحي لعامة الناس أن حكومة أفغانستان إسلامية كما غير اسم المخابرات(خاد)الذي كان اسمها يثير الرعب عند الناس فصار الاسم الجديد وزارة استعلاماتي دولتي(واد) 

إما على الصعيد العسكري فقد ازدادت خسائر الروس وعملائهم خاصة بعد أن نجح المجاهدون بالتعامل مع الحوامات كما أسلفنا وقد شاهدت بأم عيني الآليات المدمرة أو المعطوبة خلال زيارتي لأفغانستان كما شاهدت أكواما من الخردة في الجانب الباكستاني عند معبر الحدود مع أفغانستان كما شاهدت الأفغان ينقلون قطع الآليات المدمرة التي يستطيعون تحميلها على الدواب متجهين نحو معبر الحدود لبيعها للباكستانيين

هناك بدأ الروس بالتفاوض مع قادة المجاهدين وأعلنوا نيتهم الانسحاب وبالفعل فقد سحب الروس وحدات الدفاع الجوي المرافقة لقواتهم عام ٨٦ ثم  قاموا بسحب بقية قواتهم في عامي ٨٨ و٨٩ حيث أتم الروس انسحابهم في ربيع ذلك العام لكنهم واصلوا دعمهم لنظام كابل الذي استطاع الصمود ثلاث سنوات أخرى عندما دخل المجاهدون كابل عام ١٩٩٢ وقد تميزت هذه الفترة بكثرة المؤامرات على الجهاد الأفغاني وهذا ما سنتحدث عنه في الفصل القادم  إن شاء الله



20201-02-17
كاتب من بيت المقدس


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق