الجمعة، 19 فبراير 2021

 

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس وغلو التخوين
حقائق غائبة

الحلقة الثالثة عشر الجزء الأول

المؤمرات العالمية على الجهاد الأفغاني

مع وصول كورباتشوف إلى الكرملين أيقن الأمريكيون أن انسحاب الروس من أفغانستان بات مسألة وقت حيث أن  خسائر  الروس كانت تزداد بمرور الوقت وكان الأمريكيون يعلمون حجم تلك الخسائر لذلك عملوا على إطالة أمد الحرب لإيقاع أكبر قدر من الخسائر في طرفي الصراع بغية تحقيق هدفهم الاستراتيجي باسقاط الإتحاد السوفييتي وايقاع أكبر قدر من الخسائر بالمسلمين ظنا منهم أن ذلك يدمر أو يعرقل الصحوة الإسلامية التي أطلت برأسها في تلك الفترة  لذلك منعوا إيصال السلاح الفعال وخاصة الصواريخ المضادة للطائرات للأفغان وسمحوا بإيصال ٦٥٠ من صواريخ

ستيلنغر  المحمولة على الكتف عام ٨٨ عندما أيقنوا ان الحرب قد انتهت بهزيمة الروس ولم يكن لتلك الصواريخ أي تأثير في الحرب بل إن قسما منها لم يستخدم وعمل الأمريكان جاهدين لاستعادتها بعد سقوط نظام كابل وقد شاهدت بأم عيني أحد تلك الصواريخ داخل احدى سيارات الجيب التابعة للجمعية الإسلامية أي لم يكن محمولا بوضعية قتالية فكان وجوده لهدف استعراضي فقط كما لم أجد تلك الصواريخ في الجبهات التي زرتها وقد روج الأمريكيون ومن يدور في فلكهم بعد ذلك بأن المجاهدين فد تمكنوا من هزيمة الروس بسبب صواريخ ستيلنغر ويردد هذه المقولة بعض المخلصين من الإسلاميين الذين يجهلون هذه التفاصيل

التي تحدثنا عنها سابقا ولعل غاية الأمريكيين من ارسال تلك الصواريخ تشويه صورة الجهاد الأفغاني عند

المسلمين أو اقناع عامة المسلمين بأنه لا يمكنهم الاعتماد على الذات بعد التوكل على الله بل لابد من مساعدة الآخرين كما سعى الأمريكيون لإقناع المسلمين بعمالة المجاهدين الأفغان لهم ومن أجل ذلك استدرجوا وفدا من زعماء الجهاد لمقابلة الرئيس الأمريكي رونالد ريغن في البيت الأبيض وهذا أمر مخالف لأعراف السياسة الأمريكية حيث أن الرئيس الأمريكي لا يستقبل غير رؤساء الدول ومثل هؤلاء الناس يقابلون ضباطا في المخابرات الأمريكية فقط. وقد سلطت وسائل الاعلام الضوء على تلك المقابلة حيث امتدح ريغن الأفغان بعبارات رنانة وقد حذر الشيخ عبدالله عزام رحمه الله من كيد الأمريكيين في أكثر من مناسبة ومما أذكره مقالة له في مجلة الجهاد حول هذا الموضوع بعنوان أمريكا وتجارة الدماء كما انتقد تلك الزيارة المشؤومة واستدل بأقوال لعجوز السياسة الأمريكية الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون الذي طالب أثناء زيارته لباكستان في تلك الأثناء بتعاون أمريكا والاتحاد السوفيتي ضد الخطر الإسلامي القادم

ولم يتوقف الأمر عند هذا الأمر بل إن أمريكا مارست ضغوطا على باكستان لتقييد حركة الشيخ عبد الله عزام رحمه الله كما سعت لمنع تدفق الشباب العربي إلى أفغانستان وهذا ما ذكره الشيخ عبد الله رحمه الله وبالفعل فقد قامت سفارات باكستان بتعقيد إجراءات الحصول على تأشيرات السفر وهذا ما حصل معي شخصيا وقد تمكنت من الحصول على "الفيزا" بعد تزكية من لجنة أفغانستان السويدية وهي منظمة سويدية كانت تعمل في أفغانستان في تلك الأثناء كما حرصت أمريكا ومن يدور في فلكها على تكريس التفرقة بين الفصائل الأفغانية من خلال تقديم الدعم المادي لكل فصيل على حدا وحاربت بقوة كل محاولة للتقريب بين الفصائل القائمة فتم تصفية الشيخ كمال السنانيري رحمه الله في سجون السادات عام ٨١ بعد عودته من باكستان بسبب نجاحه بوقف الاقتتال الذي نشب بين الفصائل الأفغانية في تلك الفترة كما اغتيل الرئيس الباكستاني ضياء الحق(رحمه الله)مع ٢٨ من كبار ضباطه بحادث تحطم طائرة عسكرية وذلك في صيف عام ٨٨  وقتل معه السفير الأمريكي في باكستان والذي حرص ضياء الحق على اصطحابه لأنه كان لديه قناعة بأنه بات رأسه مطلوبا للأمريكيين بسبب موقفه من الجهاد الأفغاني ومن الملف النووي .كما أغتيل الشيخ عبد الله عزام في العام التالي لنفس السبب وهذا ما سنتطرق إليه بشيء من

التفصيل لاحقا إن شاء الله. كما أوقعت مخابرات إحدى الدول العربية الاقتتال بين الحزب الإسلامي وجماعة الدعوة إلى الكتاب والسنة في منطقة كونر واغتالت الشيخ جميل الرحمن رحمه الله في صيف عام ١٩٩١

وهكذا تكرست الخلافات بين الفصائل الأفغانية لتقع الفتنة الكبرى بعد دخول كابل

وقبل أن نختم هذا الفصل لابد لي أن أشير إلى معلومة سمعتها من مدير لجنة أفغانستان السويدية في بيشاور بداية عام ٨٩ حيث قال لي بأن الروس قدموا إلى مسؤولين كبار

في الأمم المتحدة خرائط لألفي حقل ألغام زرعوها في أفغانستان ولم يعرف الأفغان شيئا عن تلك الخرائط وقد دفعوا ثمن ذلك عشرات الآلاف من الضحايا وماتزال مناطق كثيرة من أفغانستان مزروعة بتلك الألغام التي تحصد المزيد من الضحايا وهذا يؤكد صحة هذه المعلومة

ونفس الأمر حصل في الصحراء الغربية في مصر أثناء الحرب العالمية الثانية حيث زرع الإنكليز والألمان ملايين الألغام ولم يقدموا أية معلومات عنها لحكومات مصر المتعاقبة وكانت النتيجة ألاف الضحايا وهذا يبين موقف أهل الكفر على اختلاف مللهم ونحلهم من أمة الإسلام فالعداء تاريخي والحرب مستمرة بكل أشكالها(ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)



20201-02-19
كاتب من بيت المقدس


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق