الاثنين، 8 فبراير 2021

الجهاد الافغاني بين غلو التقديس و غلو التخوين

حقائق غائبة


الحلقة العاشرة

مجريات الأحداث داخل أفغانستان

كما ذكرنا سابقا فقد ظهر في ساحة الجهاد عدة فصائل أكبرها الحزب الإسلامي والذي يتزعمه غلب الدين حكمتيار وله حضور قوي في وسط البشتون والذي انشق عنه جماعة أخرى تحمل نفس الاسم وكان يتزعمها الشيخ يونس خالص رحمه الله وكان قائده العسكري الملا جلال الدين حقاني وكان تواجده في شرق أفغانستان في ولاية بكتيا على وجه التحديد وأما الجمعية الإسلامية الأفغانية فكانت تتواجد بشكل رئيسي بين الطاجيك وكان يتزعمها برهان الدين رباني وكانت الخلافات شديدة بين الجماعتين بل وصلت حد الاقتتال وسفك الدماء في أكثر من مناسبة ومنذ وقت مبكر (منذ عام١٩٨١)كما يذكر الشيخ عبد الله عزام رحمه الله في كتاباته

كما ظهرت العديد من الجماعات الأخرى الأقل شأنا وهي تمثل الجماعات الصوفية والتقليدية إضافة لجماعة الدعوة إلى الكتاب والسنة وهي جماعة سلفية وكان يتزعمها الشيخ جميل الرحمن رحمه الله وكانت تتواجد في ولاية كونر. وهكذا نرى وجود عدة رايات داخل ساحة الجهاد مما أدى للاقتتال أثناء فترة الجهاد ضد الروس وحتى بعد انسحابهم من أفغانستان والذي أدى لظهور حركة طالبان

والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا لم تتوحد تلك الفصائل تحت راية واحدة. وهذا السؤال يطرح نفسه دوما في ساحات الجهاد والإجابة على هذا السؤال لا يمكن اختزالها بمؤمرات الأعداء أو بأية إجابة مختزلة أخرى إذ لهذا الموضوع أسباب عديدة ولكل بلد من بلدان المسلمين ظروفه الخاصة ولكن ثمة سبب واحد في غاية الأهمية وهو عامل مشترك في جميع ساحات الجهاد وهو أن كل المبادرات الجهادية كانت وماتزال نابعة من اجتهادات فردية تخص فصيلا معينا من فصائل العمل الإسلامي ولاوجود لدولة أوخلافة تجمع المسلمين تحت مظلتها كما هو حال إيران بالنسبة للرافضة وكذلك الكيان اليهودي في بيت المقدس بالنسبة لليهود وأما  دور الحكومات القائمة (إن وجد) في ساحة ما فهو دور خياني أوتخريبي وهذا ماحصل في الساحة الأفغانية وقبلها في بيت المقدس وبعد ذلك في العراق والشام واليمن

ثمة عامل مهم آخر وهو عدم وجود مرجعية شرعية ذات مصداقية للمسلمين كما هو حال الفاتيكان بالنسبة للنصارى الكاثوليك فالعلماء المخلصون عندنا مصيرهم السجن أوالقتل أوالتهميش في أحسن الأحوال

كل ذلك يؤدي إلى التفرقة والتشرذم على مختلف الأصعدة فإذا أضفنا إلى ذلك العوامل الذاتية كحب الزعامة والرياسة وكل أشكال التعصب الجاهلية وأخيرا عمل الأعداء على شق الصف واثارة النعرات والتحريش بين المسلمين مع ضعف النفوس وقلة الوعي والجهل كل ذلك يؤدي إلى الفرقة والتشرذم وهذا أمر يتكرر في ساحات الجهاد

لقد سعى المخلصون من العلماء والدعاة لرأب الصدع وتوحيد الجهود وكان للشيخ عبد الله عزام رحمه الله دور بارز في هذا المجال بل إنه دفع حياته ثمنا لجهوده في التقريب بين غلب الدين حكمتيار وأحمد شاه مسعود أكبر القادة العسكريين في الجمعية الإسلامية الأفغانية

وهنا لابد أن نشير لدور باكستان حيث بذلت الجماعة الإسلامية هناك جهودا طيبة في هذا المجال كما أن الرئيس الباكستاني ضياء الحق رحمه الله قد تدخل بنفسه وجمع القادة الأفغان أكثر من مرة وقد نجحت تلك المحاولات بتأسيس إتحاد مجاهدي أفغانستان واختير عبد رب الرسول سياف رئيسا له ولكن الأتحاد  لم يعمر طويلا إذ خرجت الفصائل منه تباعا وبقي عبد رب الرسول وجماعته يحملون نفس المسمى. ثمة عامل آخر أسهم بتكريس التشرذم وهو تمييز فصائل العمل الاسلامي خارج أفعانستان لفصيل معين دون سواه لأسباب حزبية مما زاد من تعميق الخلافات بين الفصائل

رغم هذه الفوضى والتشرذم في ساحة الجهاد لم تتوقف مسيرة الجهاد لحظة واحدة ضد الروس وهذا ماسنتحدث عنه لاحقا إن شاء الله



2021-02-08

كاتب من بيت المقدس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق