الأربعاء، 20 يناير 2016

خُدْعة الإقليم السُني 



لا اشك في اخلاص الدكتور طه الدليمي وصفاء نيته لاهل السنة ولا اشك لمقته الروافض ودينهم النجس، ولا اشك في انه يريد الخير وكل الخير لاهل السنة ولكن صفاء النية والاخلاص والتفاني في مشروع ما لا يكفي لتحقيقه.
مع اعتذاري الشديد جدا لكني ارى في مشروعه (الاقليم السني) سذاجةٌ وقصر نظر كبيرتين مهما كتب ومهما نٓظّر واجتهد هو ومن ينادي لهذا المشروع ليخرجوه لنا على انه مشروع متكامل الاركان وقابل التحقيق وسفينة النجاة لاهل السنة. 
اصحاب مشروع الاقليم السني ينطلقون ويبنون مشروعهم على اسس وفرضيات خاطئة لا وجود لها ولا تمت للواقع. هم ينطلقون بمشروعهم اقتداءاً بمشروع الاكراد واقليمهم ويبنون عليه احلامهم الوردية ويقارنون مقارنات تنتمي الى اللاواقعية وسوف اذكرها بنقاط واحاول ان اختصر قدر الامكان:
- اقليم الاكراد كان وما زال مطلباً دولياً وقام اصلا بارادة دولية.
- إقليم الاكراد هو محمية امريكية واوروبية ولا ينكر ذلك إلا ساذج او منافق.
- إقليم الاكراد كان الهدف منه زرع اسرائيل اخرى هدفه تفتيت المفتت من خلالهم ولا يخفى ذلك على ابسط الناس.
العالم ينظر الى الاكراد كأكراد وليس كسُنّة او مسلمين، بل ويعتبرهم العالم سكين في خاصرة اهل السنة ي العراق خاصة والعالم العربي عامة.
- الاكراد كانوا على مر التاريخ مطية لكل التدخلات الاجنبية وتمرير كل المؤامرات من خلال قياداتهم.
- دعك من بعض الاسماء من الاكراد في التاريخ الاسلامي ولا تحاججني بهم فنحن نتحدث عن الاغلبية الساحقة فإن اسم صلاح الدين القائد الاسلامي المخلص يقابله ملايين من خونة الاكراد.
- العالم كله يقف مع الاكراد ليس حباً بهم طبعا ولكن لكونهم مخلباً في المنطقة يستعملهم الغرب متى شاء لاثارة القلاقل كلما لاح في الافق هدوء في ديارنا.
- في الوقت ذاته فان العالم بأجمعه من شرقه الى غربه ضد اهل السنة والحرب الشعواء التي يخوضها العالم بأسره هي لذبح اهل السنة او اعادتهم الى بيت الطاعة الرافضي بحجة محاربة الارهاب وداعش وما الى ذلك من العناوين الكبيرة التي يسوقونها على رعاع الامة ويساندهم فيها منافقي وخونة الامة.
- إقليم اهل السنة اذا سلّمنا على انه سيقوم وحسب المواصفات والميزات التي يمتاز بها الاقليم الكردي فانه يأسس لهدوء وحياة طبيعية اي بمعنى تطور وتقدم وهناك احتمال وارد جدا وهو انضمام جزء كبير من سوريا اليه مما يجعله نواة قوية لتأسيس قوة سنية التي بدورها وكنتيجة حتمية سوف تقوض المشروع الرافضي الايراني وهذا هو الكابوس بعينه لكل القوى التي تسعى الى ابادتنا او استعبادنا قبل ان نستطيع تحقيق هذا الكابوس لهم وهذا هو مربط الفرس.
- السنة لن ينالوا متراً واحداً كامل السيادة بالطرق السياسية حتى يلج الجمل في سمِّ الخياط وليس امامهم إلا حمل السلاح كما يفعل تنظيم الدولة الاسلامية الان الذي ضرب العالم كله بعرض الحائط ويفعل كل ما يروق له ويراه يخدم المشروع الذي قام من اجله.
ما اردت قوله انه من السذاجة وقصر النظر مقارنة اقليم الاكراد بالاقليم السني المزعوم لان الفرق بينهما هو كالفرق بين السماء والارض ولكن للاسف اصحاب هذا المشروع الفاشل رغم كل ما جرى ويجري ما زالوا يعيشون باحلامهم الوردية التي تكلفنا كل يوم مذابح جديدة بحق اهلنا وقضم اراضينا وتقوية اعدائنا ونحن نراوح في مكاننا.
ليس في مقدوري إلا أن اسأل الله تعالى أن يُبصر اخواننا الذين ينادون لهذا المشروع وأن يعيدوا النظر في تفكيرهم وأن يعوا بان المشاريع من هذا النمط المستحيل تحقيقها قد تجاوزها الزمن واصبحت من احلام الماضي. فهل يُعقل ان مشروع ايران الرافضية يمتد من ايران الى المغرب العربي وافريقيا ولم تدع دولة إلا وزرعت فيها خلايا الترفض تمهيدا لضمها فيما بعد فنقوم نحن بمقابلتها بمشروع مجهري لا يتجاوز عدد من المحافظات العراقية؟ لماذا نُقزم انفسنا ونُحقرها واكثر ما نحلم به هو اقليم على بقعة محددة من الارض مع اننا نملك امتداداً طبيعياً في كلا العالمين العربي والاسلامي بينما يمتاز عدونا بنظرة عابرة للحدود ويخطط ان يبسط سيطرته على كل العالم الاسلامي؟
رحم الله المتنبي القائل
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ

نحن أمام معضلة عظيمة وهي أن من يتصدر المشهد السياسي  والديني ينظر الى امتنا على انها أمة من الاقزام التي لا حول لها ولا قوة أمام التغول العالمي ويجب علينا ان نستعطف ونستجدي رضى هذا العالم في اي شئ نقوم به. هؤلاء يعتقدون جازمين أنه لا يمكن لنا ان نفعل شئ مهما صٓغُر إلا من خلال المنظومة العالمية وما تسمح به وهذه هي المصيبة لان المنظومة الدولية هي اصلاً وُجدت وفُصلت لكي تروضنا وتستعبدنا تحت مسميات مختلفة ولا يمكن في يوم من الايام ان تسمح لنا ببناء انفسنا إلا بما هو تحت سيطرتهم ومباركتهم.
نحن نستجدي ونستعطف العالم منذ قرون ومع مرور السنين ازددنا استجداءً واستعطافاً والعالم يرد علينا بأن يدوس على رؤوسنا اكثر فأكثر ويزداد مع مرور السنين استعبادا واذلالاً لنا. أفلا يكفي ذلك أم ما زال في جعبة امتنا مزيدا من الذل ومزيداً من الانبطاح.
لم نقرأ على مر التاريخ بان هناك حضارة او أمة أو امبراطورية بُنيت بالسياسة ونثر الزهور على الآخرين بل كلها اطلاقاً بُنيت على انهار من الدماء قام بها اصحاب الاقدام الثقيلة وليس الاقدام الرومانسية.
من يتصدر المشهد القيادي في امتنا لم يقرأ التاريخ واذا قرأه لم يفهم الحكمة منه وانما قرأه على اساس انها قصص حكواتية جميلة لأقوام قد خلت من قبلنا لذلك نراهم يقعون في نفس الاخطاء.
العالم لا يحترم الضعيف ولا يقيم له وزناً وانما يحترم القوي الذي يقول ويفعل وهم اصحاب العزم.
واختم مقالتي بهذا البيت الشعري لأحمد شوقي رحمه الله الذي يقول فيه:

وما نيل المطالب بالتمني ************ ولكن تُؤخذ الدنيا غُلابا
المغالبة هي سنة الحياة ومن يعش على الهامش لن يكون له مكان تحت الشمس




اشرف المعاضيدي 
2015-01-19 

هناك تعليق واحد: