السبت، 30 يناير 2016

الهجرة العربية الى اوروبا

الحلقة الخامسة


بحث اكاديمي عن الهجرة العربية الى اوروبا, الاسباب و النتائج

الجزء الثاني
 

لماذا تستقبل الدول اﻷوروبية المهاجرين
 لقد ﻻحظنا في المقاﻻت السابقة استقدام الدول اﻷوروبية للعمال من مستعمراتها منذ القرن التاسع عشر وبداية القرن الماضي وتوسعت هذه العملية بعيد الحرب العالمية الثانية لﻷسباب التي شرحناها في حينها وتواصلت عمليات استقبال اللاجئين السياسيين حتى يومنا هذا رغم أن بعص المؤسسات الصناعية قد نقلت مصانعها إلى دول العالم الثالث حفاظا على سلامة البيئة في دول القارة بعد أن وصلت مشكلة البيئة حد الكارثة في بعض البلدان كألمانيا مثلا
 والسبب اﻷساسي لحرص العديد من الدول اﻷوروبية على استقبال اللاجئين هو حاجة تلك الدول للعنصر البشري ﻷن تلك الدول تعاني من انحسار في النمو السكاني أومايسمى باﻻنتحار الديموغرافي حيث مؤشرات النمو السكاني ذات أرقام سالبة أي أن الدول اﻷوروبية تعاني من تناقص بعدد السكان وعلى سبيل المثال فإن عدد سكان ألمانيا سينقص حوالي عشرة ملايين نسمة عما عليه اﻵن عام 2060(يبلغ سكان ألمانيا اﻵن 81مليون وسيصبح هذا العدد 71مليون). ولهذه المشكلة أسباب عديدة يمكن ايجازها بعزوف الكثيرين عن الزواج واﻻنجاب واﻻكتفاء بالعلاقات المؤقتة ﻻشباع الرغبة الجنسية واﻻكتفاء بعدد قليل من اﻷطفال عند القسم اﻷكبر من العائلات اضافة لعزوف عدد ﻻيستهان به من النساء عن اﻻنجاب والتوسع بعمليات اﻹجهاص إضافة لوجود عدد كبير من الشاذين(أتباع قوم لوط) كل ذلك أدى لما يمكن تسميته اﻻنتحار الديموغرافي وإذا أضيف إلى ذلك ارتفاع نسبة المسنين بسبب تحسن الخدمات الصحية وارتفاع متوسط العمر في أكثر الدول اﻷوروبية والتي أصبحت مجتمعات من المسنين وهذا ماتقوله الدراسات عندهم فعلى سبيل المثال يبلغ عدد الذين هم فوق سن الثمانين في المدينة التي أعمل بها 7000نسمة من أصل 57000نسمة وهم مجموع سكان المدينة. والقوم يخططون لعقود إضافة لمواجهتهم المشاكل اﻵنية بخطط مستعجلة
 وقد نجحت الدول اﻷوروبية بدمج المهاجرين عندها فباتوا يسهمون في تنمية ورفاهية تلك البلاد وأصبحوا جزءا ﻻغنى عنه فعلى سبيل المثال ﻻ الحصر يتجاوز عدد اﻷطباء السوريين في ألمانيا الثمانية آﻻف كما تبلغ نسبة اﻷطباء اﻷجانب في السويد 25بالمئة من مجموع اﻷطباء وهم يشكلون نصف العاملين في قطاع العناية اﻷولية(أي في قطاع المستوصفات)وهذا القطاع يعاني من نقص شديد بعدد اﻷطباء يصل إلى2000طبيب وطرد اﻷجانب من السويد(كما تطالب اﻷحزاب العنصرية)يعني انهيار الجهاز الصحي برمته.وقد أثبت اﻷجانب جدارتهم بل وتفوقوا على السويديين في مجاﻻت كثيرة كإدارة اﻷعمال التجارية والشركات الصغيرة كالمطاعم مثلا وهم ﻻيشكلون أي عبء اقتصادي على تلك البلاد بل إنهم يعملون ويدفعون الضرائب كما أن القسم اﻷكبر من دخلهم يصرفونه في البلدان التي يعيشون فيها وهكذا تصب تلك اﻷموال في قنوات اﻻقتصاد الوطني لتلك الدول لتحرك عجلة اﻹقتصاد والتنمية.
وهناك قضية أخرى وهي من القضايا المسكوت عنها فيما يخص اﻷجانب وهي قيامهم بالمهمات الصعبة في المجتمع فكل ما يعف عنه ويتأفف منه أهل البلاد فهو من نصيب اﻷجانب ففي مجال الطب(وهو المجال الذي أعرف عنه أكثر من غيره بحكم عملي فيه) فإن اﻷطباء اﻷجانب يشكلون العمود الفقري في مجال العناية اﻷولية (كما ذكرت سابقا)وذلك لصعوبة هذا التخصص مقارنة بالتخصصات اﻷخرى في هذه البلاد وكذلك اﻷمر بالنسبة ﻻختصاص اﻷمراض النفسية الذي أصبح غير مرغوب فيه منذ تسعينات القرن الماضي فما وجد السويديون غير اﻷجانب من يسد النقص في هذا اﻻختصاص بعد أن أوصدوا في وجوههم أبواب التخصصات اﻷخرى وقد توجه عدد كبير من اﻷطباء السويديين في السنوات اﻷخيرة للعمل في مجال اﻷبحاث بدﻻ من العمل السريري الذي يحتوي على الكثير من المتاعب كالدوام الليلي والمسائي وأيام العطل إضافة لتحمل المسؤولية حيث يتعرض اﻷطباء باستمرار للمساءلة إضافة لصعوبة الحصول على اﻹجازة متى شاءوا فجدول العمل جاهز وموضوع سلفا لعدة أشهر كل ذلك جعل أكثر اﻷطباء  يعملون تحت وطأة درجة عالية من اﻹجهاد(stress) النفسي والجسمي والعصبي فكثرت أمراض القلب والشرايين وموت الفجأة وقد فقدت الجالية اﻹسلامية في الأسابيع اﻷخيرة من العام الماضي(2015) اﻷخ الدكتور جهاد الفرا(رحمه الله) عن عمر ﻻيتجاوز ال 55سنة بسبب اصابته باحتشاء عضلة القلب واﻷمثلة على ذلك كثيرة.
وقبل أن ننهي هذا الموضوع ﻻبد لنا أن نشير إلى مسألة حصول بعض الناس على اﻹقامة ﻷسباب إنسانية بحتة كبعض المسنين أوالمعاقين والذين ﻻيمكنهم أن يؤدوا أية أعمال وبالتالي ﻻيمكنهم أن يكونوا أشخاصا منتجين في المجتمع بل على النقيض من ذلك فهم عالة على الدول التي آوتهم حيث سيحصلون على راتب التقاعد كما أن تلك الدول تتحمل مسؤولية رعايتهم الصحية واﻻجتماعية وغيرها دون أن يقدموا للمجتمع أي شيء ومع ذلك فهم يحصلون على اﻹقامة ﻷسباب إنسانية وهذا أمر يحسب للمجتمعات اﻷوروبية وهنا نذكر ماورد في حدبث عمرو بن العاص رضي الله عنه وهو قوله(وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف) ونحن نذكر هذا من باب العدل الذي أمرنا به ربنا كما أشرنا سابقا.
وهناك سؤال قد يتبادر إلى أذهان بعض الناس وهو أﻻ تخشى تلك الدول من أن يصبح المسلمون في المستقبل أكثرية وبالتالي تتحول  القارة العجوز إلى اﻹسلام أي بتعبير آخر وهو هل يشكل وجود المسلمين أية مخاطر على تلك البلدان على المدى المنظور أوالبعيد.
وهذا ماسنجيب عليه في حلقة قادمة إن شاء الله.

هناك تعليق واحد: